كيمو
اسرة منتديات كريم ترحب بكم
باب احكام الجور W6w_w6w_200504251358590b72bd4e


كيمو
اسرة منتديات كريم ترحب بكم
باب احكام الجور W6w_w6w_200504251358590b72bd4e


كيمو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةبوابة كريمأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 باب احكام الجور

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منى كريم
مديرة المنتدى
منى كريم


انثى
عدد المساهمات : 6767
العمل/الترفيه : وكيلة بالازهر

باب احكام الجور Empty
مُساهمةموضوع: باب احكام الجور   باب احكام الجور Emptyالأحد 4 أكتوبر - 20:16

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

























الدرس السادس والعشرون

باب أحكام الجوار

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد.

الإخوة
والأخوات طلبة هذه الأكاديمية العلمية المباركة سلام الله عليكم ورحمة
الله تعالى وبركاته ونحن في هذه الليلة مع آخر دروسنا في كتاب البيع من
كتاب عمدة الأحكام. وفي هذا الدرس سوف نتناول ثلاثة أبواب الباب الأول: في
أحكام الجوار. والثاني: في الغصب. والثالث: في اللقطة.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يختم لنا، ولكم بخير إنه جواد كريم بر رءوف رحيم. تفضل يا شيخ عبد الرحمن بقراءة المتن.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (باب أحكام الجوار

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)، ثم يقول أبو هريرة: "مالي أراكم عنها معرضين؟! والله لأرمين بها أكتافكم").

هذا
هو الحديث الأول والأخير في باب أحكام الجوار. فكأن المصنف -رحمه الله
تعالى- ما وضع في هذا الباب إلا في هذا الحديث، وهو كما عملتم لم يصنف
بابا بعنوان أحكام الجوار وإنما هذا من وضع بعض الشراح رحمهم الله تعالى.
والحديث عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- (أن نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره) ثم يردف أبي هريرة بعد أن تلا هذا الحديث على بعض من حضر يردف فيقول: ما لي أراكم عنها معرضين؟! والله لأرمين بها بين أكتافكم)، قوله -صلى الله عليه وآله وسلم- (لا يمنعن) لا ناهية، والفعل يكون بعدها مجزوما، لكننا لاحظنا تحرك آخره لأنه اتصلت به نون التوكيد الثقيلة، (لا يمنعن) وهذه اللفظة هي التي في مسند الإمام أحمد، وأما التي في الصحيح هي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يمنع جار جاره).

ووقف
العلماء عند معنى الجار هنا، ومعلوم أن الراجح أن الجار هو من جاورك ببيته
إلى أربعين دارا من كل اتجاه، لكن هل الجار هنا المقصود به من بعد أن من
قرب؟ من قرب؛ لأنه يشترك مع جاره في الجدار؛ أو لأن جداره بجوار جدار
جاره، فلهذا جاء النهي عن أن يمنع الجار جاره أن يغرز خشبة في جداره.

في هذه الرواية (أن يغرز خشبة) وفي بعض الروايات بالجمع (أن يغرز خشب) وهذا على كل حال وإن كان على سبيل الإفراد فإن المقصود به الجمع أيضا، والسؤال: الضمير في قوله (في جداره) يعود على جدار نفسه أم على جدار جاره؟

نفسه

جدار
نفسه، فما المعنى إذا قلنا: لا يمنع الجار جاره أن يغرز خشبة في جدار
نفسه؟ وإلى أي شيء يتجه النهي هنا؟ هل للجار أن يعترض على جاره إذا أراد
أن يغرز خشبة في جدار نفسه؟ ولماذا يتأتى المنع؟

لما
قد يظن من أن هذا قد يؤدي إلى شيء من المفسدة بالنسبة إلى جاره؛ كأن يمنع
عنه الضوء مثلاً، أو يشرف بهذه الخشبة على بيت جاره، أو يترتب على غرز هذه
الخشبة في جدار نفسه بالنسبة للجار، لكن الذي سيق له الحديث هو نهي الجار
أن يمنع جاره من أن يغرز خشبة في جدار صاحبه وليس في جدار نفسه، إذن مع
كون الحديث يحتمل المعنى الأول إلا أن مساقه للمعنى الثاني.

هذا
الحديث يدل على أنه من حقوق الجوار أن يسمح الجار لجاره بأن يغرز خشبة في
جداره، كأن يكون يعرش سقف بيته مثلاً ويحتاج إلى أن يغرز بعض هذا الخشب،
أو يضع بعض هذا الخشب أو أن يضع بعض الخشب على جدار جاره ليسقف عليه أو
نحو ذلك، فهذا من حقوق الجار على جاره.

أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال لمن حدثهم بهذا الحديث ورواه لهم: "مالي أراكم عنها معرضين" الضمير في عنها إلام يعود؟

إلى عملية غرز الخشبة أو السماح للجار بغرز الخشبة

عنها أي عملية غرز الخشبة، أم عن هذه المقالة، أو هذه الرواية، أو هذه السنة التي يخبرهم بها؟

هذه الفعلة أي السنة المنصوصة في الحديث.

قوله: "والله لأرمين بها بين أكتافكم" بها يعود على ماذا؟

الخشبة

لا، لا

المقالة التي قاله

على
المقالة، أو على هذه السنة، أو على هذه الرواية، والدليل على هذا أنه لا
يوجد ثم خشبة، وإنما هو يتحدث عما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أو
ما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وليس المقصود الخشبة بذاتها،
ولكن ما يرتفق الجار به وما ينتفع به.

ما
محل –ضابط- هذه المسألة؟ محلها حيث لا يتضرر الجار الأول بوضع الخشبة على
جداره، فإن كان الجار الأول متضررا من وضع هذه الخشبة هل يحل إلى جاره أن
يضعها؟

باتفاق العلماء لا يحل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن الضرر وعن الإضرار وعن المضارة (فلا ضرر ولا ضرار)
فهذه مستقرة أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، إذن استباحة جدار
هذا الجار إذا كان يترتب عليها مفسدة أو يترتب عليها وقوع ضرر فإنه يمنع
باتفاق العلماء، لكن الخلاف جرى بين العلماء فيما إذا كان وضع هذه الخشبة
أو غرز هذا اللوح مثلاً أو الاستعانة بهذا الجدار لا يترتب عليه ضرر وتحصل
منه مصلحة للجار فهل يلزم الجار بوضع هذه الخشبة ويجبر عليها من قبل
الحاكم إذا اعترض أو لا؟ هذا هو محل الخلاف، هل للحاكم أن يُجْبِر هذا
الإنسان على أن توضع هذه الخشبة ونحوها إذا لم يكن ثمة ضرر أو لا؟

مذهب
الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك والشافعي -عليهم جميعا رحمة الله- في
مشهور مذهبهم أنه لا يجبر الجار على ذلك، فلا يجوز إجباره، ولا يملك
الحاكم أن يقهره على ذلك، فلا توضع هذه الخشبة وما يشبهها إلا بإذنه.

والمذهب
الثاني للإمام أحمد - عليه رحمة الله- وهو أيضا منقول عن أهل الحديث، أن
ذلك يجب عليه وأنه لا يجوز أن يمتنع من وضع هذه الخشبة على جداره فإن
امتنع أجبره الحاكم أو الإمام، فهو مأمور بأن يمتثل لهذا.

استدل الأولون بالأحاديث التي فيها (لا يحل مال أمريء مسلم إلا بطيب نفس منه)
فهذا المال مال هذا الإنسان –وهو جداره- لا يمكن أن يستغل أو ينتفع أن
يرتفق به إلا إذا أذن، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (كل المسلم على المسلم حرام) وقال: (إن أموالكم ودمائكم -... إلى آخر الحديث- عليكم حرام)
فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بين حرمة وأنه لا يجوز انتهاكه أو
الانتفاع به أو أخذه أو الارتفاق به إلا بإذنه، فهذه هي الأصول العامة
التي ارتكن إليها الأئمة الثلاثة، وقالوا لو كان هذا واجبا لما أعرض عنها
الصحابة؛ لأن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما لي أراكم عنها معرضين"
وما كان ينبغي له أن يواجه الصحابة بهذه العبارة ولما أطبقوا على الإعراض
أو الامتناع كما قال ذلك الإمام النووي -رحمه الله تعالى-.

ثم
استدل أصحاب القول الثاني بظاهر هذا الحديث، وظاهره يلزم الجار أن يتقبل
غزر هذه الخشبة في جداره، ولأن أبا هريرة راوي هذا الحديث غلظ في المسألة
وشدد فيها، وفهم الراوي مقدم على فهم غيره لماذا؟ لأنه أدرى بما روى، فأبو
هريرة كلامه يشعر بالوجوب ذلك، وأن للحاكم أن يلزم بهذا الأمر، وأنه لا
يجوز للجار أن يمتنع إذا كان في ذلك مصلحة لجاره ولم يكن عليه مضرة، ثم
قالوا معنا أيضا أن مثل هذا الواقعة وقعت في عهد عمر -رضي الله تعالى عنه-
فألزم بها كما روى ذلك مالك -رحمه الله تعالى- في موطئه أن الضحاك بن محمد
سأل محمد بن مسلمة -رضي الله تعالى عنهما- أن يسوق خليجا له -أي من أرضه-
يجري من خلاله الماء فكلم عمر -رضي الله تعالى عنه- محمد بن مسلمة في ذلك
فأبى -أي وسط عمر ليتكلم مع محمد بن مسلمة في هذا فأبى وامتنع- فما كان من
عمر إلا أن قال: "والله لا يمرن به ولو كان على بطنك" وفي هذا أيضا تغليظ
من عمر -رضي الله تعالى عنه- وتعظيم لحق الجار على جاره ما لم يترتب على
هذا ضرر.

ثم إن البيهقي -رحمه الله تعالى- روى حديثا بسند صحيح فيه قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (ليس لأحدكم أن يمنع جاره أن يضع أعواده في جداره أن يضع أعواده في جداره) فهذا نص حديث البيهقي وهو دليل ينصر مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وأهل الحديث.

بقي
أن يقال: قول الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: "لو أن هذا كان واجبا لما
أعرضوا عنه ولما صح أن يقول أبو هريرة للصحابة: ما لي أراكم عنها معرضين
ويواجههم بهذه المقولة"

هذا
رد عليه ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "لا أدري من أين له أن المعرضين كانوا
صحابة" لا أدري من أين للنووي -رحمه الله- أن يقول إن المعترضين أو
المعرضين كانوا صحابة؟ فقد يكون ذلك وقع من أبي هريرة لبعض التابعين هذه
أُولى، والثانية: على فرض أنهم صحابة من أين علمنا أنهم فقهاء أو من علماء
الصحابة أو ممن علموا بهذه السنة؟ فربما تكون هذه السنة قد خفيت أو هذا
الحديث لم يبلغهم فيجوز أن يكون هؤلاء من غير الفقهاء، ثم قال ابن حجر:
"بل هو المتعين" أنهم ليسوا من الفقهاء، هؤلاء الذين قال لهم أبو هريرة
هذه الكلمة قال ليسوا من الفقهاء إذ لو كانوا صحابة أو فقهاء لم يواجههم
بذلك القول الشديد.

ومن هنا يظهر لنا ترجيح القول القائل بوجوب ذلك على الجار ما لم يترتب علي هذا أذى أو مفسدة.

بهذا نكون قد أتينا على المهم من شرح أبي هريرة في أحكام الجوار، لننتقل بعده إلى باب الغصب.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (باب الغصب

عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من ظَلم قِيد شبر من الأرض طُوِّقَه من سبع أرضين)).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى كريم
مديرة المنتدى
منى كريم


انثى
عدد المساهمات : 6767
العمل/الترفيه : وكيلة بالازهر

باب احكام الجور Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب احكام الجور   باب احكام الجور Emptyالأحد 4 أكتوبر - 20:18















باب الغصب، الغصب في اللغة: مصدر غصب يغصب أو يغصبه إذا أخذه ظلما.

وفي اصطلاح الفقهاء لا يبعد المعنى عندهم عن المعنى اللغوي؛ لأنهم يقولون: الغصب الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق.

إذا أردنا أن نتأمل في معنى الغصب فإنه يظهر لنا أن غصب الأعيان محرم، وهل يمكن أن تغصب الحقوق؟ ما رأيكم؟

في أوائل دروسنا تكلمنا عن المال، وقلنا: إن المال عند الجمهور يشمل الأعيان والمنافع والحقوق.

وأما
المال عند الحنفية فلا يشمل المنافع والحقوق، وإنما يتعلق بالأعيان، ونحن
هنا حينما نعرف نعرف على ما هو مذهب الجمهور، فالجمهور قالوا: الاستيلاء
على مال الغير قهرا بغير حق، فهذا يدلك على أن هذا الاستيلاء يقع على
الأعيان كما يقع على المنافع كما يقع على الحقوق.

غصب
الأعيان أنا أضرب له مثلاً بغصب الأرض أو العقار أو السيارة ونحوها، لكني
أريد منكم أن تضربوا لي مثل على غصب الحقوق كيف يكون؟ ما مثاله؟ من يعرف؟

الميراث

لا،
فالميراث يكون مالا، لكن من الميراث ما يكون منفعة أو حقاً يورث، لكننا لم
نذكر أيضا مثالا، فمن الأمثلة حق الشرب، حق المسير، حق الارتفاق، وغير هذا
من الحقوق.

والمنافع ما مثالها؟

أن
يغصب منفعة الدار، فيسكن هذه الدار ولا يعطيه أجرتها، إذن هذا أيضا من غصب
المنافع، فالمنافع تغتصب والأعيان تغتصب والحقوق –أيضا- قد تغتصب، ولا شك
أيضا أن الغصب حرام وظلم، وهو من كبائر الذنوب، وعلى ذلك كتاب ربنا وسنة
نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- وعليه انعقد الإجماع.

فأما من كتاب الله جل وعلا قول الله: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ[النساء: 29] ومن السنة هذا الحديث الذي بين أيدينا، وأيضا قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (لا يحل مال أمريء مسلم إلا بطيب نفسه منه) والمسلمون مجمعون على حرمة الظلم وحرمة الغصب.

وللغصب
أحكام نجملها إجمالا؛ فمن ذلك أن المغتصب آثم في الآخرة مستوجب للعقوبة
إلا أن يعفو الله تعالى عنه لهذا الحديث الذي بين أيدينا: (من ظلم قِيد شبر) يعني قدر شبر وفي رواية (من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من بين سبع أرَضين).

وهذه رواية أخرى للحديث الذي معنا وهي متفق عليها، فأول أحكام الغصب إثم فاعله وتعرضه لمقت الله تعالى وسخطه وعقوبته في الآخرة.

والأمر
الثاني: أنه يعزر في الدنيا، فالغاصب مرتكب لجريمة بحق المسلمين من جهة
وبحق من غصب منه من جهة أخرى، ولهذا فإن للإمام أن يعزر الغاصب بما يردعه
ويكون رادعا لأمثاله، وهذا حق للإمام، حتى ولو عفا الذي غُصِب منه فإن
للإمام أن يعاقب على الغصب، وهذا التعزير قد يكون بالضرب أو بالحبس أو
بهما معا بحسب ما يراه الإمام محققا لمصلحة المجتمع.

الأمر
الثالث: رد العين المغصوبة، فإن هذا من أول الواجبات على الغاصب. وسواء
كانت هذه العين المغصوبة زادت زيادة متصلة أو منفصلة، وقد عرفنا من معنى
الزيادة المتصلة ومثلنا لها بالسمن، وعرفنا معنى المنفصلة ومثلنا لها بأن
تلد -مثلاً- الناقة، أو أن يثمر الشجر، فهذه زيادة لا تحصل على ملك
الغاصب؛ لأنه ليس للغاصب ملك، ولا تقر يده على ما غصب، فالزيادة المتصلة
والمنفصلة راجعة إلى من صاحب العين المغصوبة، ويدل على هذا قول نبينا -صلى
الله عليه وسلم-: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) وقال: (لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادا ولا لاعبا، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه) هكذا رواية الحديث عن الترمذي وأبي داود. إذن يجب على المسلم إذا وقع منه ذلك أن يبادر فيرد هذه العين.

إذا
كانت هذه العين يحتاج في ردها إلى مؤنة كأن يكون أخذ شيئا فوضعه في بيته
اغتصب مثلاً آلة معين فركبها في بيته كأن يكون اغتصب جهازا كتليفزيون
مثلاً أو ما أشبه ووضعها ببيته ووصله بأسلاك وأشياء من هذا، ففك هذا
الجهاز يحتاج إلى تكلفة، فهذه التكلفة على الغاصب أو على من غصب منه هذه
العين؟ على الغاصب، فمؤنة الرد إذن على الغاصب، أو إذا أراد أن ينقلها من
مكانه إلى مكان صاحب العين. إذن المؤنة على من التكلفة على من؟

الغاصب التكلفة على الغاصب.

هذه
السلعة التي عند الغاصب تلفت من غير أن يتعدى عليها، مثلاً اغتصب الناقة
أو السيارة أو الجهاز ثم إنه تلف بآفة سماوية لا دخل له فيها؛ كأن تكون
سرقت أو حرقت أو غرقت أو كسرت، أي سبب كان، فعلى من الضمان؟ الغاصب
مع أنه لم يتعد ولم يكن هو الذي كسر الجهاز أو أعطبه أو أحرقه أو كذا أو
كذا، لكننا نقول بأن الغاصب حتما مسئول عن هذه العين؛ لأنه لأنها صارت في
ضمانه سواء تلفت بنفسها أو أتلفها هو بنفسه.

فكيف
تضمن العين إذا تلفت؟ المثلي بمثله والقيمي بقيمته، إذا كانت العين
المغصوبة مثلية فإنه يضمنها بمثلها إذا هلكت، وإن كانت العين المغصوبة
قيمية فبقيمتها قال جل من قائل: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ [البقرة: 194] وقال: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى: 40] وقال: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ [النحل: 126].

إذن هذا كله يدلك على أن الغاصب عليه أن يؤدي ما أخذ وأنه يضمن ما أخذ لقول -صلى الله عليه وسلم-: (ليس لعرق ظالم حق) فهذا الظالم الذي ظلم فأخذ هذه السلعة ليس له حق في أن يقال: هذا من غير تعد أو بتعد، بل هو ضامن مطلقا.

وكما
تضن العين تضمن منافعها؛ فلان اغتصب الدار فسكنها أو اغتصبها فلم يسكنها،
ثم إنه جاء يردها إلى صاحبها بعد سنة من الغصب، هل يطالب بشيء أو لا؟

غصب دارا، وهو يردها الآن بعد سنة، فهل يطالب بشيء أم أنه لا يطالب إلا بالعين؟

يطالب
بأقصى قيمة منفعتها من حين غصبها إلى حين ردها، فهذه الدار تسكن بما قيمته
من ثماني مائة إلى ألف في الشهر فتقوم عليه المنفعة بأقصى قيمتها وهي ألف
تضرب في عدد الأشهر التي اغتصبت فيها، ويدفع هذا المبلغ مع هذه العين عند
ردها. فإذا كان لم يستعملها هل يجب هذا أو لا يجب أيضا؛ لأنه فوت بذلك
منفعة هذه الدار على صاحبها.

نمر على حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- وهو الحديث الأول والأخير في هذا الباب أيضا أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (من ظلم قِيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين)

معلوم
أن الظلم وضع الشيء في غير محله. واصطلاحا: هو التصرف في حق الغير بغير
إذنه الظلم. وقوله من ظلم قِيد -بكسر القاف وسكون الياء- المقصود به
القدر، فمن ظلم قدر شبر، والشبر هي المسافة المعروفة مقدار بسط هذه الكف،
ثم إن التعبير بالشبر يدل على شدة المبالغة في تحريم الظلم؛ فإن قِيد
الشبر شيء يسير جدًا لا يتصور إلى أن النفوس تميل إلى غصبه، ومع هذا
التحذير والتهديد شديدا والوعيد أكيدا أن من ظلم قيد شبر من أرض طوقه يوم
القيامة من سبع أرضين. ما معنى طوقه؟ طوقه بالمبني للمجهول ومعناه أن يجعل
هذا الذي غصب طوقا في عنقه كالغِل -والعياذ بالله- تغل به عنقه، قال بعض
العلماء: والمعنى أن رأسه وعنقه تطول ثم إن هذه الأرض تجمع على رقبته
كالطوق، وقيل: إن معنى طوقه أي يلزمه إثمه كلزوم الطوق للعنق، يلزمه إثم
هذا العمل أو إثم هذا الظلم كما يلزم الطوق أو الغل أو القيد العنق، وقيل:
بل معنى طوقه أي يحمل هذه الأرض من سبع أرضين أي يكلف بحمل هذه الأرض من
سبع أرضين أي الأرض وما تحتها إلى سبع أرضين.

وقيل:
يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين، طوقه أي تخسف به الأرض إلى سبع أرضين، وورد
في بعض الحديث ما يشهد لهذا المعنى، وقيل: يكلف بنقل ما ظلم من هذه الأرض
يوم القيامة إلى أرض المحشر أيا ما كان المعنى فإن هذا كله قد يرد، وقد
يختلف ورده بحسب اختلاف الأحول أي أحوال الغاصبين وأحوال ما غصبوا.

إذن
هذا الحديث أفادنا حرمة غصب الأرض والتشديد في هذه المسألة وأن المتعرض
لهذا متعرض للعقوبة الدنيوية والأخروية. وقد بينا ما عليه في عليه في
الآخرة من هذا الحديث طوقه يوم القيامة أو طوقه من سبع أرضين، كما بينا أن
هذا مما له تعلق بعقوبته في الدنيا؛ لأن للإمام أن يعاقب على الغصب.

وهذه
الرواية التي بين أيدينا لهذا الحديث تدل أيضا على أن الغصب من الكبائر،
وتدل أيضا أن من ملك أرضا فإنه يملك ظاهرها ويملك باطنها وما يخرج منها،
وهي أيضا تدل على أن الأرضين سبع، وفي هذا موافقة لقول الله -عز وجل-: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق: 12]

ننتقل بعد هذا إلى الباب الأخير من أبواب كتاب البيع وهو باب اللقطة. تفضل يا شيخ عبد الرحمن.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: ( باب اللقطة

عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: (سئل
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب أو الورِق فقال: اعرف
وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة، فإن جاء
طالبها يوما من الدهر فأدها إليه، وسأله عن ضالة الإبل فقال: ما لك ولها؟
دعها؛ فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها،
وسأله عن الشاة فقال: خذها؛ فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب
)
)
.

باب
اللقطة باب من الأبواب التي تظهر فيها حكمة هذه الشريعة، فالشريعة تدعوا
إلى حفظ أموال الناس كما تدعوا إلى تعويد المجتمع على حفظ الأمانة وعلى
التكافل بين أفراده، ولهذا وجدنا الفقهاء -رحمهم الله تعالى- يصنفون كتاب
اللقطة ضمن كتب المعاملات؛ لأنها مسألة تقوم على الأمانة، وإن لم تكن هنا
معاملة على وجه الحقيقة فلم يقع بيع أو شراء أو قبض أو إقباض من طرف لطرف،
وإنما اللقطة هذا المال الضائع هذا المال الذي لا يعلم صاحبه، يلقاه غيره
فهل له أن يأخذه أو لا؟ تفاصيلُ سوف نتناولها -إن شاء الله وتعالى- لكن
الذي نؤكد عليه أن حكمة مشروعية اللقطة تدل على تشوف الشريعة الحكيمة إلى
إشاعة الأمانة بين أفراد المجتمع، وإلى حفظ مال الناس.

راوي
هذا الحديث هو زيد بن خالد الجهني نسبة إلى جهينة، وهو ممن سكن المدينة
وشهد الحديبية -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وكان يحمل لواء جهينة يوم
الفتح يوم فتح مكة -رحمه الله تعالى- ورضي عنه.

يروى
هذا الحديث أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والسائل أيضا من
قبيلته -أي من جهينة- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب
والورق.

اللقطة
ضبطت بلغات فمنهم من ضبطها لُقَطة –بضم ففتح- ومنهم من ضبطها لُقْطة –بضم
فسكون- ومنهم من قال: لقاطة –بضم أوله- ومنهم من قال: لَقَطة -بفتحتين- ،
وهي على كل حال كما قلنا المال الضائع يلتقطه من يجده، والحنابلة عرفوا
اللقطة اصطلاحا فقالوا: هي مال أو مختص ضل عن صاحبه أو عن ربه وتتبعه همة
أوساط الناس، هذه التي تسمى عندهم لقطة مال أو مختص ضاع عن ربه أو فقده
صاحبه، المال عرفناه، والمختص هو الشيء الذي يكون لهذا الإنسان ولو لم يكن
مالا، يعني اختص به، ثم قالوا: وتتبعه همة أوساط الناس ما معنى ذلك؟

يعني
الشخص العادي الذي لا يعرف بالدناءة ولا بالشرف العالي تميل نفسه إلى هذا
الشيء، فلو أن إنسانا وجد حبلا في الطريق فهل الشخص العادي تتبعه نفسه أو
همته ليأخذ هذا الحبل؟ لا.. لا يلفت إليه ولا يأبه به، ولو وجد عصا أو
سوطا أو شيئا يسيرا تافها فإنه لا يكلف نفسه عناء التقاطه وحيازته، فهمة
أوساط الناس لا تتعلق بالدنيء وإنما تتعلق بما فيه شرف أو بما له قيمة،
ولهذا قالوا: و تتبعه همة أوساط الناس.

إذا أردنا أن نتحدث عن اللقطة وعن أحكامها نجد أولا:

أن اللقطة على أقسام ثلاث كما في هذا الحديث وكما شرحه فقهاء الحديث قالوا:

النوع
الأول: من اللقطة ما لا تتبعه همة أوساط الناس؛ كالعصا والسوط والحبل
ورغيف مثلاً ونحو ذلك، فهذا ما حكم التقاطه؟ قالوا: حكم التقاطه الجواز لا
إشكال في التقاط مثل هذه الأشياء، وهذا قد دل عليه الحديث؛ لأن النبي -صلى
الله عليه وآله وسلم- رخص في العصا والسوط والحبل يلتقطه الرجل فينتفع به،
والحديث متفق عليه، فاليسير التافه القليل القيمة يجوز التقاطه بلا خلاف،
وإذا التقط ملك يعني ملتقطه يملكه من فوره.

والقسم
الثاني من اللقطة: ما لا يجوز التقاطه بحال، مثل هذه الدواب التي تمتنع
بنفسها من صغار السباع كالإبل مثلاً، فالإبل تمتنع من صغار السباع كما
تمتنع من الجوع والعطش والوحش، تمتنع من ذلك كله فهي تدفع عن نفسها مثل
الذئب مثلاً فلا يتمكن الذئب من افتراس ناقة أو بقرة، فهذا لا يجوز
التقاطه، لماذا؟ لأن هذا الشيء أو هذه الدابة ممتنعة لا يخشى عليها فهي
تبقى على حالها حتى يلقاها ربها وصاحبها، يطلبها حيث ضاعت، ولا يجوز لأحد
أن يلتقطها.

والقسم
الثالث: هو ما وقع فيه الخلاف، وهو ما لا يمتنع بنفسه من صغار السباع
كالشاة وما دونها، وكذا المال من ذهب وفضة، فإن هذا أيضا مما يدخل في
القسم الثالث وهذا الذي سيدور الحديث عليه، ولسائل أن يقول: ما حكم التقاط
اللقطة هل التقاط اللقطة؟ واجب أم مستحب، أم حرام، أم مكروه، أم مباح؟

اختلف
العلماء في هذا القسم الثالث، لأننا ذكرنا قسمين: قسما يجوز التقاطه بلا
إشكال، والقسم الثاني يحرم التقاطه، بقى هنا قسم ثالث وهو ما عدا القسمين
الذين ذكرناهما قبل قليل؛ كأن يجد الإنسان مالا كثيرًا مثلاً أو يجد
الإنسان شاة أو غنما أو ما أشبه قد ضاع أو فقد أو ضل عنه صاحبه فما حكم
التقاطه؟

ذهب
بعض أهل العلم إلى وجوب التقاطه، وهذا في أحد الأقوال في مذهب الإمام
الشافعي يجب الالتقاط مطلقا؛ حيث وجد الإنسان وجب مطلقا، والقول الآخر في
مذهب الشافعية أن هذه اللقطة إن كانت في موضع يأمن عليها هذا الإنسان
فإنها تستحب، وإن كانت في موضع لا يأمن عليه على هذا الشيء أو على هذه
اللقطة فإنه يجب التقاطها.

الشافعية لديهم قولان نذكرهما الآن والثالث سيأتي في القول الثاني.

الأول: الوجوب مطلقا، والثاني: الوجوب عند الخوف عليه، فهذا هو القول الأول الذي قال فيه بعض الفقهاء بالوجوب.

والقول
الثاني بالاستحباب وهو مذهب الحنفية، والراجح في مذهب الشافعية الاستحباب
أيضا، فيستحب التقاط مثل هذه اللقطة عند الحنفية وعند الشافعية لماذا لأن
النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال في حديث هذا الباب: (هي لك أو لأخيك أو للذئب).

ثم
المذهب الثالث مذهب القائلين بالكراهة وهم الحنابلة في مقدم مذهبهم
والمالكية؛ فالحنابلة قالوا بكراهة التقاط مثل هذه اللقطة، لماذا؟ قالوا:
لأن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- "لا ترفع اللقطة" نهى عن رفعها قال:
"لا ترفع اللقطة، لست منها في شيء" ومثل هذا ينقل عن ابن عمر قال له رجل:
لقد التقط لقطة فقال له "وما حملك على التقاطها؟" لماذا تلتقطها.

ثم
إنهم قالوا: إن اللقطة يجب فيها حفظها وتعريفها، وعدم التقصير في بيان
أحوالها وسؤال الناس عنها، فإذا قسط الإنسان كان خائنا لهذه الأمانة لأن
النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أخبر في هذا الحديث أنها وديعة عند هذا
الإنسان، فيجب عليه أن يحفظها وهو ضامن لها إذا يعني تعدى أو قصر في
حفظها، أما إذا لم يقصر فتلفت فيده يد أمانة ولا يضمن إلا بالتقصير في
حفظها. إذن الحنابلة والمالكية مالوا إلى كراهة التقاط اللقطة من الصنف
الثالث الذي ذكرناه.

نعود إلى حديثه -صلى الله عليه وآله وسلم- والذي فيه (أنه سئل عن لقطة الذهب أو الورق: فقال: -صلى الله عليه وآله وسلم-: اعرف وكاءها وعفاصه
والوكاء هو الخيط الذي تربط به، كأن تكون مثلاً في كيس، أو في حافظة، أو
في شيء ما، ثم يربط هذا بخيط أو بحبل أو بشيء ما يحفظها. والعفاص هو
الوعاء. فقال له: (اعرف وكاءها وعفاصه)
لماذا يعرف وكاءها وعفاصها؟ حتى إذا جاءه من يدل عليها أو يستدل عليها
يطلب منه ذكر صفاتها؛ يسأله هذا المال كان في كيسٍ، ما لونه؟ فيقول: أبيض
مثلاً يقول له: من قماش أم من جلد؟ فيذكر الصفة ثم يقول له: كان هذا الكيس
مربوطا بكذا أم بكذا، فيذكر الرجل ما يدل على أن هذا المال له عندئذ تدفع
إليه .

ولفائدة
أخرى وهي أن يميز هذا الكيس أو هذا الوعاء من ماله هو؛ ليعرف أن هذا المال
بمثابة الوديعة والأمانة عنده وليس من ماله، وهنا لا توجد وثيقة تدل على
هذا المال مال هذا الإنسان وإنما هو التقطه فيجب أن يميزه بصفة وأن يعرف
ويعرف من حوله أنه ليس من ماله.

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)
يعرفها سنة في مجامع الناس وأسواقهم ومنتدياتهم وأماكن اجتماعهم وما هو من
مظان السؤال عن هذه المفقودات، فيقول: من فقد منه شيء أو أمر أو كذا
فليراجع فلانا أو ليسأل فلانا أو فليبين صفات هذا الشيء ثم ليطلبه من
فلان، يظل على هذه الحال سنة. هذا في القليل والكثير اتفق العلماء أن هذا
في الكثير.

ثم
قالوا: وأما في القليل يبين بالمقدار الذي تنقطع معه عادة حاجة من يفقد
القليل، فالإنسان إذا فقد مثلاً عشرة جنيهات أو عشرين ريالا أو نحو ذلك
إذا تطلبه كم يتطلبه؟ يتطلبه يوما أو يومين أو أسبوعا مثلاً لكنه لا يمكث
سنة يتطلب عشرين ريالا فقدها، ولا عشرين جنيها ولا عشرة دولارات مثلاً،
فقالوا في القليل -وهذا عند الشافعية- أنه يعرفها بما تنقطع معه عادة حاجة
من يطلبها ممن فقد هذه الأوراق النقدية أو الذهب أو الفضة أو ما أشبه، أما
الكثير فيتعين أن يعرفه سنة الكثير يعرفه سنة.

ما
ضابط القليل والكثير؟ ضابطه العرف؛ لأن الشارع لم يحد حدا ينتهي إليه
الكثير، والعلماء قالوا ما تتبعه همة أوساط الناس يسمى كثيرًا ولا شك أن
هذا يتفاوت زمانا ومكانا وأحوالا، ثم إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
قال: "فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها أو فأدها إليه" إذن بعد أن
يعرفها سنة فإنها تدخل في ملك هذا الإنسان، يملكها يجوز له أن يستنفقها،
وأن ينتفع ويرتفق بها، ثم تبقى عنده كالوديعة بعد أن يستهلكها، إذا استهلك
عيناها أو باعها وانتفع بقيمتها فإن قيمتها تبقى كالوديعة في ذمته، إذا
جاء صاحبها في أكثر من سنة فإنه يدفعها إليه ولا يحبسها عنه، قدر أنه جاءه
بعد عشر سنوات من قال: فقدت يوم كذا في مكان كذا الشيء الفلاني -قطعة
الذهب الفلانية أو المبلغ النقدي المعين بكذا وكذا- فعرفه بالصفات وأقام
البينة على ذلك وجب عليه أن يدفع إليه هذا المال، ولا يجوز له أن يحبسه
عنه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ولتكن وديعة عندك) فهي بمثابة الأمانة.

يلزمه
أن يقيم البينة عند الإمام أحمد ومالك فإن أقام البينة وجب عليه أن يدفعها
إليه، وذهب أبو حنيفة والشافعي بأنه لا يلزم بأن يقيم البينة، فبأي شيء
يكتفي؟ إذا اكتفى بما غلب على ظنه من صدق هذا الإنسان فقد وجب عليه أن
يدفعها إليه أيضا عند أبي حنفية والشافعي، ومذهب الإمام أحمد أرجح في هذا.


بقي
أن نتحدث عن لقطة يلتقطها الإنسان في البيت الحرام أو في منطقة الحرم،
النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن التقاط لقطة تقع في الحرم إلا
لمعرفها إلا لمن يعرفها؛ ولهذا قال: (ولا تحل لقطتها إلا لمنشد)
أي إلا لمن سيسأل عنها فلا يجوز أن تلقط لقطة الحرم إلا لمن سينشغل
بتعريفها، ولا شك أنها مسئولية وأمانة، فلا يقوم بها إلا من يعلم أنه
سيؤدي حق الله -عز وجل- في ذلك وإلا فليتركها ولا يرفعها من مكانها.

بهذا نكون قد أتينا على المهم من شرح هذا الحديث بقي أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- سئل عن لقطة الشاه ونحوها فقال: (هي لك أو لأخيك أو للذئب)
وهذا كما قلنا يدل على جواز التقاطها وعلى أنه يأخذها فيعرفها على خلاف
بين العلماء؛ هل يعرفها سنة؟ وهي من الكثير، أم يعرفها بما تعرف به
أمثالها؟ وهذا من القليل، الراجح أن مثل هذا يعرف سنة أيضا، فإذا انقطعت
السنة دخلت في ملكه وجاز له أن ينتفع بها.

بهذا
نكون قد انتهينا بحمد الله تعالى من شرح كتاب البيوع من كتاب عمدة الأحكام
للحافظ عبد الغني المقدسي الجماعيلي عليه رحمة تعالى.

في الحلقة الماضية كان السؤال الأول: عرف المزارعة وبين اختلاف الفقهاء في حكمها مرجحا ما تختار؟

وكانت
الإجابة: المزارعة هي دفع الأرض لمن يزرعها بجزء معلوم من ثمرتها -أي
بنسبة معلومة- عند الأحناف عقد على زرع وعند المالكية هي شركة في الزرع.


والجمهور
على منع المزارعة واستدلوا بحديث رافع بن خديج عندما سئل عن كراء الأرض
بالذهب والفضة فقال: "لا بأس به" والإمام أحمد على جواز المزارعة ومعه
الظاهرية ومن وافقهم من بعض الحنفية ومن وافقهم من بعض الحنفية، وبعض أهل
العلم الحسن البصري وطاووس قالوا بعدم جواز كراء الأرض مطلقا.


و
الخطابي قال: كراء الأرض على الربع أو الثلث أو النصف جائز إذا كانت الحصص
معلومة، والثوري قال: "هو الراجح"، والراجح هو قول الإمام أحمد والظاهرية
أن المزارعة جائزة ودليلهم حديث الباب


نعم صحيح.

والسؤال الثاني: عرف العمرى واذكر حالاتها وأحكامها؟

وكانت
الإجابة: العمرى لغة مشتقة من العمر وهو الحياة، وكانت عند أهل الجاهلية
أن يعطي الرجلُ الرجل الدار أو غيرها ويقول: أعمرتك إياها أي أرحتها لك
مدة العمر.


وهي ثلاث حالات:

إما
أن تؤبد كقوله: لك ولعقبك من بعدك. أو تطلق وجمهور العلماء على صحة هذين
النوعين وتأبيدهما وهو مذهب بعض الحنابلة. وثالثا: أن يشترط الواهب الرجوع
فيها بعد الموت الرجوع فيها بعد الموت هل يصح ذلك؟ ذهب إلى صحة الشرط
الزهري ومالك وأبو داود الثوري، وهو رواية عند الإمام أحمد واختارها شيخ
الإسلام ابن تيمية وغيره من الأصحاب
.

هذه إجابة صحيحة

بهذا يا شيخنا تكون قد انتهت الحلقات، فهل لكم من كلمة تودون إلقاءها؟.

نعم،
نحمد الله سبحانه وتعالى في ختام هذه الحلقات التي اتصلت مع إخواننا
وأحبابنا الحضور في هذا الدرس، ومن سمعنا أو شاهدنا حول العالم، وكما
حمدنا الله جل وعلا في ابتدائنا هذه الدروس فإننا نحمد جل وعلا ونثني عليه
بما هو أهله في ختامها.

نسأل
الله -تبارك وتعالى- أن يجعل عملنا صالحا ولوجهه خالصا ونسأله -سبحانه
وتعالى- أن يسلكنا وإياكم والسامعين في عداد المتفقين في دين الله -عز
وجل-.

ونحن
في مطلع هذا الدرس وفي خاتمته نسمع كلام إمامنا وشيخنا وعالمنا المقدم
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -عليه رحمة لله- وهو يذكر
الحضور والسامعين بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)
فالله تعالى نسأل أن يرحم مشايخنا وعلماءنا، وأن يجزيهم عنا خيرا، ونسأل
الله -تبارك وتعالى- أن يجزي من تسبب في جلوسنا هذا المجلس من علمائنا
الذين تعلمنا منهم وأخذنا عنهم، وأن يجزي من رشحنا لأن نقوم هذا المقام
بينكم نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يتقبل منهم وأن يجزيهم بأحب ما علموا
إليه -سبحانه وتعالى- وأن يبارك لهم في أعمالهم وحسناتهم إنه جواد كريم.

ثم
الشكر موصول إلى هذه القناة الطيبة المباركة التي عم خيرها الأرجاء وبلغت
بدعوتها الآفاق نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يسدد مسيرتها وأن يأخذ بنواصي
القائمين عليها إلى خير ما يحب ويرضى من القول والعمل إنه جواد كريم.

ثم
الشكر موصول إلى إخواننا الذين حضروا معنا ونشهد لهم بالحرص والاجتهاد
ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يفتح عليهم وأن يفتح بهم وإلى إخواننا الذين
تابعونا، وهاتفونا، وكلمونا سواء عن طريق الشبكة العنكبوتية أو عن طريق
الاتصال الهاتفي مما يعكس سرعة استجابة وحسن تلق وأخذ بآداب الطلب الشرعي
لهذه العلوم.

وهي
حقيقة فرصة طيبة صالحة نافعة مباركة أن يستفاد من هذه التقنية في إيصال
العلوم الشرعية، فما كان يخطر ببال كثيرين أننا نجلس هذا المجلس ليسمعنا
من في أمريكا ومن في أفريقيا ومن في أسيا وأن يتجاوبوا معنا في ما نقول
عبر اللحظة التي فيها نقول فهذا من فضل الله تعالى علينا ومنته التي
تستوجب الشكر الجزيل لله -تبارك وتعالى-. وهذا يضاعف من الواجب الملقى على
عواتقنا في نصرة هذا الدين والقيام بحقه والعمل في رفعة شأنه وإقامة قدره
في العالمين إنه جواد كريم.

والشكر
موصول إلى إخواننا الذين معنا في هذا الأستوديو وإلى أخي الكريم الشيخ عبد
الرحمن الذي سعدنا بصحبته وإياكم عبر هذه الحلقات نسأل الله -تبارك
وتعالى- ألا يجعل هذا هو آخر العهد بكم، وأن يجمعنا وإياكم وأحبابنا
وإخواننا على خير ما يحب ويرضى إنه جواد كريم بر رءوف رحيم.

وأسأل
الله -تبارك وتعالى- لي ولكم التوفيق والسداد إنه على ذلك قدير، وهو حسبنا
ونعم المولى ونعم النصير. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


أعلى الصفحة



















[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


BuildTheSaveAnchorHref();



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب احكام الجور
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» احكام الايلاااء
» احكام الأضحية ...!!!
» احكام وامثال_ المدح
» احكام الحيض والاستحاضة والنفاس والاستحداد
» جميع احكام التلاوة والتجويد بالصوت والصورة رووووعـــــــــــــــــة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كيمو :: اسلاميات كريم :: القرآن الكريم وتفاسيره :: الفقه و احكامه-
انتقل الى: