نعمة جلت عن الإحصاء وخزائن جوده لا تنفد من الإعطاه، والصلاة والسلام على السراج المنير. رسولنا محمد ، وعلى آله وصحبه المجد.
أخي : الشاب المسلم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد.
أخي : لقد كتبت إليك هذه الرسالة التي أملاها قلبي ، وحملها إليك النصح والحرص على ما ينفعك ، فأملي أخي أن تفتح لها أبواب قلبك وتضمنها في سويدائه، فإن فعلت أخي فإنك إن شاء الله لن تعدم خيراً تجده فيها..
أخي : إنها الحياة الدنيا بآلامها وشجونها ، كما وصفها لك الله تعالى: )لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً ( [الكهف:ش
أخي الشاب: ها أنت تنجرع مرارة الحياة صباح مساء . ولا أسوأ أخي في مرارة الحياة من الوقوع في المعاصي ، والتهالك على اللذات ، الشهوات فإنها أخي هي القاصمة التي أفسدت عليك شبابك، وعكرت عليك أن تحيا شبابك قوياً وثابتاً .. في عزيمة وعلو همة..
أخي الشاب: أتدري ما تعنيه كلمة الشباب؟!
قال العلماء : أصلها الحركة والنشاط.
أخي: إن للشباب حرارة إن لم تطبقا ببرد الإيمان الصادق، أهلكت صاحبها ! ولتعلم أخي أن حبائل إبليس اللعين منصوبة حولك ، إذا نجوب من واحدة منها وضع في طريقك الأخرى، وهكذا أخي حتى تقع في أسره وسلطان !!
وسأخبرك أخي بحبائله الكبار التي تقرع عنها شروره وسمومه ، فتأمل معي أخي بقلب حاضر في ذلك إلي تعليم العلماء الربانيين إذ يبصرونك بكيد أبليس لعنة الله ، قال علي أبن أبي طالب (رضي الله عنه) : " بنيت الفتنة على ثلاث: النساء وهن فخ إبليس المنصوب . والشراب وهو سيفه المرهف والدينار والدرهم وهما سهماه المسمومان"
أخي : ما أهلك العباد إلا اللهوي ! النفس تهوى كل شيء ، والشهوات توثباً .. فوا حسرتا
أخي على شاب أحرق نضار شبابه في اللذات والشهوات!!
أخي كم من الشباب أتخذوا أهواءهم مطية ! ولبئس المطية
أخي مطية الهوى .. أما رأيت آخى كيف دم الله تعالى الهوى في كتابه العزيز ؟! فقد قال تعالى :) أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون(
قال الحسن البصري (رحمة الله) : ((هو المنافق لا يهوى شيئاً إلا ركبه)).
أخي الشاب: أين أنت واقف ؟! على عتبة الهوى ؟! أم على عتبة الطاعة لله تعالى.؟
فبالله أخي إذا كنت من الواقفين على عتبة الهوى ! ما الذي وجدته في دنيا الهوى؟!
*هل وجدت لذة لا ينقضي نعيمها؟!
*هل وجدت أنسا وراحة يملأن جوانحك؟!
*هل وجدت في نفسك شوقاً إلي الدار الآخرة ، وجنة ربك تعالى؟ جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدها الله لأهل طاعته.
*هل وجدت حباً لطاعة ربك تعالى والتفاني في عبادته؟!
أخي الشاب: ما أسعدك يوم أن تصبح فتستقبل يومك بطاعة لله تعالى ، وتقبل هواك يومها ! فلك أخي أن تعد هذا اليوم من أيامك الصالحة التي ستنفعك غداً إذا وقفت أمام الله تعالى ، فتحتاج إلي الحسنة الواحدة!
ولا تقف أخي عند يوم واحد، بل فلتحرص أن تكون أيامك كلها بيضاء . بيض الله وجهي ووجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
قال أبو الدرداء (رضي الله عنه) : ((إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله ، فإن كان عمله تبعاً لهواه فيومه يوم سوء وإن كان هواه تبعاً لعمله فيومه يوم صالح)).
أخي : ألا أخرك عن أصل الداء؟! وأصل الدواء؟!
قال ابن السماك ك إن شئت أخبرك بدائك وإن شئت أخبرك بدوائك! داؤك : هواك ! ودواؤك : ترك هواك)).
وجاء رجل إلي الحسن البصري فقال: يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل ؟ قال: ((جهادك هواك)).
وقف أخي !
إليك أنت أخي يا من أراك وقفت عند المعاصي والشهوات الفانية! يا من وقفت مشدوها حائراً من بريق الدنيا الخادع فلم تعرف اللذة إلا : في ليل تقضيه في صالات الحفلات! أو غرام وعشق تبوح به إلي الفتيات! أو حب يحملك إلا تقليد الموضات! أو تكسع في الأزقة والطرفان ! أو قضاء أيام زهرة الشباب في بلاد الكفر بين الرقص والبارات!!