الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري باسقاط الجنسية عن المصريين المتزوجين من إسرائيليات لم يطو هذا الملف الشائك أو يغلق هذه القضية الخطيرة التي تمس الأمن القومي المصري وترتبط أشد الارتباط بالولاء والانتماء لهذه الأمة بل فتح الباب واسعا للتدقيق في أوضاعنا وواقع شبابنا ويفجر العديد من التساؤلات التي تحتاج إلي اجابات شافية وعلي رأسها لماذا يقدم شبابنا إلي هذه الدولة وبأي غرض؟ ولعل السؤال المهم هو ما هي الظروف التي تدفعهم إلي الدخول في هذه المغامرة التي أقل ما يقال عنها بأنها ملعونة. وهل لدي هؤلاء من الوعي الديني والثقافي والوطني ما يحصنهم من الوقوع فريسة لأجهزة الأمن والاستخبارات الصهيونية.
وكان الحكم قد أكد أن هذه الظاهرة تجلب علي البلاد فسادا محتوما واهدارا مؤكدا لقيم ومباديء المجتمع. فضلا عن الضرر البليغ بالأمن القومي المصري في أسمي معانيه لأن الأولاد الذين ولدوا من أم إسرائيلية يكتسبون الجنسية الإسرائيلية طبقا لقانون الجنسية الإسرائيلية.
ومن جانبه أيد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر حكم القضاء الإداري باسقاط الجنسية المصرية عن الذي يتزوج من إسرائيلية وأوضح فضيلته أن الحكم شرعي.
وأكد الدكتور محمد أبو غدير أستاذ الدراسات العبرية والصهيونية بجامعة الأزهر أن المجتمع المصري مستهدف وهناك محاولات لاختراقه والعقلية الصهيونية في حالة بحث دائم وسعي دءوب لمكامن الثغرات التي يمكن النفاذ منها للقلب المصري ومن هنا يفهم لماذا برزي مؤخرا وبشكل لافت ظاهرة زواج الشباب المصري من إسرائيليات فهم يريدون خلق حالة من البلبلة وكسر الحاجز النفسي وايجاد ثغرة علي طريقة حصان طروادة تمكنهم من ايجاد موطيء قدم داخل المجتمع المصري.
وقال: إن الايقاع بالشباب المصري هو احد مخططات الدولة الصهيونية وهدف يسعون لتنفيذه بجميع الأساليب ومنها بالطبع اختراقه عن طريق وهم العاطفة والزواج والهدف الكامن وراء كل هذه المحاولات ايجاد وسائل شرعية وقانونية للنفاذ إلي داخل المجتمع المصري ثم افتعال أزمات وتناقضات تؤدي إلي استنزافه وتدفعه إلي التهاوي من الداخل.
وأشار إلي أن مكمن الخطورة ليس في حالة الولاء المزدوج فحسب وإنما فيما يترتب علي هذا الزواج من اشكاليات في غاية الخطورة علي أمننا القومي فمن المعلوم أن القانون الإسرائيلي يسمح لأبناء هذا الزواج بالحصول علي الجنسية الإسرائيلية بحكم والداتهم كما يحق لهم الحصول علي الجنسية المصرية بحكم أن آباءهم من المصريين وهنا كيف يكون الموقف لو فكر والدهم في العودة بهم إلي مصر.. هل سيتم تعليمهم في المدارس والجامعات الحكومية. هل سيتم تجنيدهم مثل سائر الشباب المصري ويكون من حقهم الالتحاق بوظائف في المؤسسات الحكومية والمراكز السيادية والحساسة. والمشاركة السياسية في الأحزاب والمشكلة الأهم أن الأطفال في إسرائيل يبتعون ديانة الأم فماذا يكون دينهم الحقيقي؟.
وأضاف: يجب أن نعمل وبقوة في أكثر من اتجاه للقضاء علي هذه الآفة الخطيرة وأولها اغلاق الأبواب الخلفية التي تتيح سفر المصريين للأراضي المحتلة وزيادة الوعي الديني والوطني والقومي وتعزيز ثقافة المواطنة والولاء والانتماء لدي شبابنا وايجاد نوع من الثقافة المضادة التي ترفض التطبيع أو التعاطي مع هذا الكيان وتقاوم الاختراق الأخلاقي والسياسي.
ويقول المستشار توفيق وهبة مدير المركز العربي لدراسات التراث الظروف الاقتصادية أو الأوضاع الاجتماعية الصعبة لا يمكن أن تكون شماعة لقبول هذا الفعل الذي يتعارض مع كل القيم والأخلاقيات الدينية والوطنية فهل تحقيق الأحلام والسعي وراء فرص العمل لا يكون سوي في دولة الكيان المعادي الذي يتفنن في الاستيلاء علي الحقوق العربية ويزهق أرواح أبناء الشعب الفلسطيني دون وازع من ضمير ويتملص من المواثيق الإنسانية الدولية.
وأضاف: اختراقنا ومحاولة العبث بأمننا القومي ليست قضية قابلة للتفلسف أو المجادلة حولها والتذرع بأي حجج أو أسباب واهية نعم قد تكون هناك بطالة أو مشكلات اقتصادية نعاني منها جميعا ولكن مواجهتها لا يكون عن طريق تعريض أمن المجتمع كله للخطر واهدار كل القيم والأخلاقيات التي تأصلت في نفوسنا وليس من المقبول من بعض الشباب أن يقدم علي اختيار الطريق السهل ويتجرأ علي ثوابت الأمة لمنفعة شخصية وفي الغالب هي وهمية لن تجلب له سوي الفشل والضياع وتجر علي الأمة الخطر المحقق.
الدكتور يوسف القرضاوي أكد أن الزواج من أهل الكتاب جائز من حيث المبدأ. غير أن الزواج من الكتابية التي يحارب قومها المسلمين وهي تقرهم علي هذا سيوقع المسلم في كثير من المتناقضات وربما يترتب عليه من الشر ما يجعله مجرما من إفشاء سر المسلمين والتجسس علي عواراتهم وغير ذلك من المفاسد.
وأشار إلي أن الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة. ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود. من أهلها: ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية. فأباحوا الزواج من الأولي. ومنعوا الثانية وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا ومنهن من لا يحل لنا. ثم قرأ: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية "التوبة 29. وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب قال الشارح في "الروض النضير": والمراد بالكراهة: التحريم: لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه. لعموم قوله تعالي: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" فغلبوا الكتاب علي الدار يعني: دار الإسلام والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحاته لمن يتأمل فقد جعل الله المصاهرة من أقوي الروابط بين البشر. وهي تلي رابطة النسب والدم فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم؟ وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم. فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلا عن أن تكون زوجة وربة داره وأم أولاده منهم؟ وكيف يؤمن أن تطلع علي عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟ ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلي تأييد رأي ابن عباس. محتجا له بقوله تعالي: "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله" المجادلة .22 قال فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورا وبناء علي هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية تقيم علي أرض فلسطين وراضية بما يفعله قومها بالمسلمين. مادامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل.
وقال: الشيخ فرحات المنجي المشرف العام علي مدينة البعوث الإسلامية سابقا إن الزواج من اليهودية الإسرائيلية حرام شرعا لما فيه من الفتنة علي الزوج والأولاد نظرا لكون الإسرائيليات من قوم محاربين للمسلمين ومقيمون في دولة عنصرية قائمة علي قوانين معينة تفرض علي كل من جاء من أم يهودية أن يصبح يهودي الديانة وبالتالي فإن أبناء المسلمين سيصيرون يهودا. وفي هذا خطر علي الأمن القومي في البلاد العربية والإسلامية لأن هؤلاء الأبناء المولودين من أمهات يهوديات وآباء مسلمين سيرثون في أراضي المسلمين. وأن الشريعة الإسلامية تحرم ذلك لقوله الله تعالي: "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله وهؤلاء اليهود قد حادوا الله ورسوله وهذا التحريم بنص القرآن الكريم وقال إن اليهودية التي تقيم في إسرائيل وترضي بما يفعله قومها بالمسلمين فهي إذن محاربة للمسلمين وإذا تزوجت من مسلم ستكون جاسوسة وربما تجعل زوجها المسلم خائنا لوطنه وفي هذا خطورة كبيرة علي الأمن القومي للمسلمين.
وأكدت جبهة علماء الأزهر في بيان لها أنه لا يمكن اعتبار معاهدات السلام وسيلة لجعل إسرائيل دار سلام. لأن ما يجري علي أرض الواقع عكس هذا تماما. فهم نقضوها بممارساتهم من خلال العدوان علي أشقائنا في فلسطين ولبنان. بل قتل الجنود المصريون والمدنيون. وأنها عصابات مسنودة من غيرهم وأن الوصف الشرعي للدولة الفلسطينية الآن هو أنها دار مغصوبة. لا ينتقل عنها وصف الدار لغيرها أبدا. مشددة علي أن تخليصها من أيدي غاصبيها فريضة شرعية وواجب علي جميع المسلمين.