فضفضه جاده

المتأمل في حال العالم العربي اليوم يدرك حجم الكارثة التي تعيشها الشعوب العربية
الشعوب التي تصرخ وترفع الأعلام اليوم ثم تعود غداً بعد ذلك لترضى أن تعيش على هامش الحياة .
بينما نحن نستيقظ صباحاً لنؤدي أعمالنا ، نستقطع من يومنا عدة ساعات لنشكو من حال التعليم
او حال الصحة ! أو ندعو لأهلنا في فلسطين والعراق ، ونتحدث قليلاً عن آخر الاختراعات التي
صنعها العالم ، و الأخبار العالمية والمحلية ، ثم ينتهي اليوم كما انتهى الأمس و كما انتهى قبل عشر
سنين .
في هذه الأثناء تفكر شعوب العالم المتقدم بمصالحها ، تخطط للمستقبل ، تقضي على مشكلاتها
في كل يوم مشروع جديد ، يجب الاعتناء به .
المضحك أننا اليوم الأكثر حاجة للتفكير بهذه الطريقة ، أن نحل مشكلاتنا المتكدسة الواحدة تلو الأخرى
و أن نهتم كل يوم بمشروعان جديدان حتى نصل إلى بر الأمان ، بينما نجد أن أجهزة الدول الحكومية
و الإعلامية لا تتطرق إلى مثل هذه المواضيع التي نحن في أمس الحاجة لها .

أثناء الحرب الباردة التي جرت بين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا ، تقدمت روسيا خطوات
كبيرة على الولايات المتحدة عندما أطلقت أول قمر صناعي للفضاء ، عجب العالم من هذه الخطوة
و أصاب الشعب الأمريكي شيء من الإحباط ، عندها تعاونت كل أجهزة الدولة و الشعب بأكمله
على أن يحلوا هذه المعضلة ، فتم تغيير مناهج التعليم لتتلائم مع الهدف الجديد للدولة ، و تم
تغيير المواضيع التي يركز عليها الإعلام إلى المواضيع التي تؤدي مايحتاجه الناس ، اهتم الجميع
بالعلوم و الرياضيات و الكيمياء ، وبعد عدة شهور وبعد عدة محاولات فاشلة ؛ أطلقت أمريكا بنجاح أول قمر صناعي لها
وسط سعادة الشعب و إحساسه بعظم قدراته ، سميت هذه المرحلة بسباق الفضاء .

فماهو هدفنا اليوم الذي نسعى لتحقيقه ؟ ولم لا نبدأ بتهيئة كل شيء حتى نصل إليه ؟
إذاً هل نحن بحاجة إلى المزيد من القنوات الغنائية ؟ أو إلى المزيد من فتاوي التشقير والبنطلون ؟
أو إلى حروب السنة والشيعة ؟ أو إلى الدعوة للاختلاط و التشبه بالمجتمع الغربي ؟
فإذا صار الشيخ اليوم لا يقدر على أن يختار مايناسب الأمة الإسلامية في حالتها الحرجة
فيكون جل حديثه عن التوحيد والفقه والمسائل التي حفظتها الأمة من كثر تكرارها بدل الحديث
عن مايعز الأمة ويعلي شأنها
و إذا صار من يدعي العقل والتنور جل حديثه عن مقارنات بين المرأة المسلمة والمرأة الغربية
و إذا صار المفكرون لا يتحدثون إلا عن الحروب الساخنه بين الشيخ والمتنور
فمن الذي يتولى مسؤولية حماية الأمة من الضياع ؟!

يؤسفني في كل مرة عندما أتذكر حالي قبل مدة ليست بطويلة ، عندما كنت في صف "رجال الدين"
و أحارب كل من ينتقدهم بكلمة ، اعتقاداً مني أنهم من يمثلون الدين ، الشيوخ على عيني وراسي
ولكنهم ليسوا هم القادرين على ان ينقذوا الأمة و يوجهوها ، وليسوا باعتقادي الذين يمثلون الإسلام
و يطبقونه بأحسن صورة ، وقبل أن تقرروا صلاح عقيدتي من فسادها أود أن أقول تريثوا
فلا أنا مع هؤلاء ولا أنا مع هؤلاء ... إنما أنا مع من يبحث عن عز الأمة الحقيقي .

فمثلاً برنامج صناع الحياة لأستاذي عمرو خالد الذي وضع التنمية بجانب الإيمان ، برنامج
رائع و عظيم ! ، أيضاً برامج احمد الشقيري و علي العمري و استاذي طارق السويدان و
عبدالكريم بكار و شيخي سلمان العودة ...
والاستاذ احمد خليفه الذي بدأ بإخراج افلام الكرتون التي تخدم قضايا العرب والمسلمين ،
و اعضاء مجموعة (allah made me funy ) توجهوا للكوميديا ليعبروا عن انفسهم كمسلمين ،
و المخرج احمد العريان لإبداعه في الحلم و الضمير العربي ، و الاستاذ خالد مقداد لقناته طيور
الجنة التي تعلم الأطفال كل جميل ، و نوريغا الذي يدعو إلى الإسلام عن طريق افلامه القادمون
وغيرها ، وبالتأكيد استاذي مصطفى العقاد رحمه الله ، وكل البارعين في مجالات الطب و مختلف العلوم والمخترعين والموهوبين
ليحسنوا من صورة المسلمين في العالم .
قد لا اتفق مع هؤلاء الأشخاص في كل ما يقومون به ولكني
اقدرهم لأنهم حاولوا و جربوا ، واعتقد أن الأمة يجب أن تهتم بهم وتسلط الأضواء عليهم و تأتي
بالمزيد منهم بدلاً من الأشخاص الغير نافعين .

نحن نمر اليوم بأزمه حقيقية ، أخطر كثير مما نتخيل ، فابحثوا عن من يبحث عن نهضتكم
لا عن من نسي النهضة والعز ، ليتناقش بالتوافه و يكرر المعلوم .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» فضفضه ومعها قصه وعبر ودروس . شاركونا