تسمح لى اكمل اخى الكريم
لميزة
الرابعة : أفضل
من خديجة
وبالجملة
فهناك خلاف بين أهل
العلم في التفضيل بينها وبين خديجة رضي الله عنهن
أجمعين،
وقد مال الذهبي إلى
تفضيل عائشة رضي الله عنها .
الميزة الخامسة : الثريد على سائر
الطعام
[center]ولذلك ورد عن أنس رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال :
( فضل
عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) .
وهذا تفضيل لها على سائر نساء أمة محمد صلى الله
عليه وسلم ؛ لما كان لها من علم وسبق وفضل كما
سيأتي ذكره .
الميزة
السادسة : زوجة في الجنة
وفي مستدرك
الحاكم عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عائشة قالت :
قلت يا رسول الله
مَن مِن
أزواجك في الجنة ؟ قال أما إنك
منهن،
قالت : فخيِّل اليّ أن
ذاك لأنه لم يتزوج بكراً غيري .
وهذا السؤال في حد ذاته ليس
مجرد
سؤال عابر ،
بل هو يدل على فطنة عائشة
رضي الله
عنها وحرصها على الفضل والخير ؛
فإنها كانت ترى أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم، وشأنه معهن في هذه
الحياة الدنيا وإنه كان يقسم
لهن ،
فأرادت أن ترى ما يكون في الآخرة وما تستشرف لها نفسها
من أن تكون في
الجنة وأن تكون
رفيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومن
حسن أدب المصطفى عليه الصلاة والسلام وكمال هديه
ولطفه وبره ؛
فإنه أخبر عائشة أنها منهن
ولم يفردها
بذلك ولم يعرض بغيرها من النساء بل بشرها
بذلك،
وانقضى ما يدل عليه هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصفة
أزواجه أنهن معه
في الجنة بإذن الله عز وجل،
ولكن
في هذا الحديث بشارة واضحة لعائشة رضي الله عنها على وجه الخصوص .
الميزة
السابعة : قرب حتى آخر لحظة
ومن الفضائل التي كانت لها
أيضاً
أنه كما ورد عنها قالت :
" توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بيتي ، وفي يومي وليلتي ،
وبين سحري ونحري، ودخل عبد
الرحمن بن أبي بكر ومعه
سواك رطب فنظر إليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم،
حتى ظننت أنه يريده فأخذته - أي
أخذت السواك - فمضغته ونفضته وطيبته ،
ثم دفعته إليه فاستن به كأحسن
ما رأيته مستناً قط، ثم ذهب يرفعه اليّ
فسقطت يده صلى الله عليه وسلم،
فأخذت أدعوا له بدعاء كان يدعوا
له به جبريل صلى الله علي وسلم وكان هو
يدعوا به إذا مرض يدعوا به في
مرضه ذاك ،
فرفع عليه الصلاة والسلام بصره
إلى
السماء وقال : الرفيق الأعلى ، وفاضت نفسه ،
فالحمد
لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من أيام الدنيا " .
ومن فطنة وحكمة وعدالة زوجات
النبي صلى الله عليه وسلم،
أنهن رأين تعلق المصطفى صلى الله عليه وسلم
بعائشة في وقت مرضه ،
وكان يسأل وهو يمرض عند نسائه عن يوم عائشة ،
فلما رأين ذلك أجمعن
أمرهن على أن يجعلن تمريض النبي صلى الله
عليه وسلم في وقت مرضه إلى عائشة
في بيتها في كل الأيام
والليالي، وهذا يدل على أهمية الحكمة والعصمة
بالشرع في أن
تكون أسمى وأرفع من طبيعة
الغيرة الموجودة لدى النساء .
عائشة
الفقيهة العالمة
هذا الجانب يكاد
يكون في
غاية الضعف عند نسائنا في هذه
الأيام ؛
فإننا إذا تحدثنا عن طلب العلم والحرص على دروس العلم
ونحو ذلك فكان
الغالب في أذهاننا أن ذلك الحديث مخصوص
بالشباب
ومن الشابات وبالرجال دون النساء، وكذلك نجد أنه البيئة
التي نعيش فيها
تظهر فيها نماذج
من
طلبة العلم والحريصين عليه حفظاً لكتاب
الله عز وجل ، وحفظا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
واطلاعاً
على أقوال أهل العلم وكتب الفقهاء ،
وغير
ذلك نجد ذلك في صفوف الرجال والشباب أكثر
منه في
صفوف النساء،
حتى توهم الناس أنه
لا يكون للمرأة قدرة على أن
يكون حظها من العلم مثل حظ غيرها من الرجال،
بل قد سرى الى بعض الرجال أن
المرأة زوجة كانت لهم أو بنتاً أو أختاً أنها دون أن تكون لها صلة بالعلم
والإستنباط والفهم والفقه
مع أن هذا غير صحيح ونشأ عن هذا
فقر مهم وفي نفس الوقت خطير ؛
لأن النساء لهن حاجات ومسائل قد
يمنعهن الحياء أن يسألن
عنها الرجال وخاصة في أمور المعاشرة مع
الأزواج وفي أمور الطهارة الخاصة
بالنساء .
فلما
قل الفقه في النساء أصبح وقوع الخلل منهن لعدم سؤالهن
للرجال حياء أو
تحرجا
أو نحو
ذلك أصبح هذا ظاهراً بشكل كبير،
وهذا
أيضاً مدخل خطير ؛ لأن عدم تهيئ المرأة
وإستعدادها
وميلها وعلمها بإمكانية طلبها للعلم ونبوغها فيه
واجرها
في ذلك ونفعها لبنات جنسها، جعلها أكثر
مناسبة
أو تهيئه لأن يصطادها أعداء الله عز وجل وأن يشغلوها
بأفكار
ومطالعات وقرارات بعيدة عما ينفعها في
دينها ودنياها وفي آخرتها بإذن الله عز وجل .
وكذلك في الحقيقة أرى أن
جانب
العلم سيما في الأمور التي تخص المرأة من المهم جداً أن تندب لها
النساء الصالحات القانتات
العابدات،
وأن يحث الرجل من له عليه ولاية من النساء على أن تأخذ
حظها من العلم
وافراً لتنفع نفسها وتنفع بنات جنسها،
وأن حديث الرجال الى النساء
قاصر في تأثيره وفي لمسه لحاجتهن ومعرفته
بأحوالهن،
ولذا يكون لسان المرأة الى
المرأة أبلغ وتعليم المرأة للمرأة أقوى ؛
ولأن قدرتها أو لأن
الحوائل الشرعية من الحجاب وغير
ذلك تمنع أن يكون التواصل العلمي
والتربوي كاملا ؛
فإنه لا يغني ذلك من جانب
الرجال الغناء الكامل ، بل لا بد أن يكون في
صفوف النساء المسلمات عالمات
ومربيات وداعيات ؛
لأن علمهن بأحوال النساء وقربهن منهن
وقدرتهن على معاشرتهن ومواجهتهن
ومكاشفتهن ومصارحتهن
تؤدي دوراً أكبر ولذلك أسوق هذه
القدوة في العلم للنساء وللرجال كذلك، فان عائشة
رضي الله عنها قد كان الرجال
من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أشكل عليهم الأمر وأعجزتهم
المسألة رجعوا إلى عائشة
رضي الله عنها فأخبرتهم حكم وخبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم فيها،
فلذلك قال الذهبي رحمة الله عليه :
" أفقه نساء الأمة على الإطلاق " .
وذكر أن مسند عائشة من
الأحاديث
يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث اتفق البخاري ومسلم منها
على
مائة
وأربعة وسبعين حديثاً ،
وانفرد البخاري
بأربعة وخمسين ،
وانفرد مسلم بتسعة
وستين حديثاً ،
ولا يوجد في النساء من هي أكثر رواية لحديث
رسول الله من عائشة،
لم يكن أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم بالعدد الكثير من النساء عبثاً ،
وإنما كان ليطلعن على ما لا
يطلع عليه المرأة من زوجها في شأن الأمور
الدقيقة ،
فينقلن هذا العلم والأحكام
الشرعية المتعلقة بأخص خصائص ما بين الرجل
وزوجته
لنساء الأمة ورجالها على حد سواء .
ولذلك
قال
الذهبي :
"
لا
أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا في النساء مطلقاً إمرأة أعلم منها " .
وقال
الزهري : "
لو جمع علم عائشة
إلى علم جميع أزواجه وعلم جميع النساء لكان
علم عائشة أفضل "
وقال عطاء بن أبي
رباح : "
كانت
عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأياً في العامة
" .
وتأمل هذه الجملة الأخيرة ،
بل
تأمل هذا النص كله، كانت أفقه الناس وأعلم الناس
بالفقه غير العلم فالعلم حفظ
والفقه استنباط فقد جمعت بين الأمرين معاً،
وأحسن الناس رأياً في العامة أي
أنها تعرف أمور الناس ومجريات الحياة ما
ينبغي أن يكون من التوجيه وكيف
تكون هذه الأساليب ،
وقد ورد في مسند الإمام أحمد في سند صحيح :
أن عائشة رضي الله عنها
استدعت قاص أهل مكة الذي كان يقص لهم القصص ،
ويعظهم بالمواعظ، وقالت له :
لَتعاهدنيّ أو لأقاطعنك - أو معنى كلامها -
فقال : علام يا أم المؤمنين أو
يا زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
قالت :
أن
لا تمل الناس وأن لا تنقطهم ، وإذا حدثهم فحدثهم يعني يوماً ويوماً .
أي لا
تملهم
بالحديث فقالت له :
لاتملهم بطول حديثك وتكراره ،
ولا
تقنطهم بتأييسهم من رحمة الله عز وجل ، وإكثار الخوف عليهم دون أن
تفتح لهم باب الرجاء،
وهذا
يدلنا على تلك العبارة أنها كان أحسن الناس رأياً في العامة،
وقال
عروة : "
ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب
ولا شعر من عائشة رضي
الله عنها " .
وهذه الرواية عن عروة تُروى بوجه آخر مفصل يبين لنا أن عائشة كانت على ذكاء وافر وفطنة عجيبة يقول
عروة
وهو ابن أختها :
" صحبت عائشة
رضي الله عنها فما رأيت
أحداً قط كان أعلم بآيه أنزلت ،
ولا بفريضة ولا بسنة ولا بشعر
ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ،
ولا
بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا بطب منها " .
فانظر
فقد كانت تعرف الأنساب ،
ولا
غرو في ذلك فهي ابنة نسابة قريش أبي بكر
رضي
الله عنها ،
وكونها تعلم علم
القرآن والسنة والفقه لاغرو في
ذلك
لذلك هو يقول :
قلت لها : يا خالة
الطب من أين عُلّمته ؟
- عرفنا أنك علمت
الفقه والأحكام من الرسول صلى
الله عليه وسلم والنسب من أبي
بكر
والشعر
من حفظ لكن الطب من
أين لك هذا الطب ؟- فقالت : " كنت أمرض
فيُنعت لي الشيء ،
ويمرض المريض فينعت له ، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض
فاحفظه " .
فكانت
- رضي الله عنها - طبيبة قلوب ، وطبيبة أبدان ،
فهذا
يدل على الفطنة، ويدل على أن عائشة لم تكن
هتماماتها إهتمامات سطحية كحال نساءنا اليوم ؛
فإن
بعض النساء عندها فطنة ، وعندها ذكاء ،
وعندها
سرعة حافظه ، لكنها موجهة توجيهاً غير سليم ؛
فان عندها فطنة بأن تمزج
الموديلات في الملابس فتخلط بين هذا وهذا ،
وتحفظ هذا وذاك ،
والأول والثاني ، وتعرف أن هذا
طراز قديم وهذا طراز حديث ! بينما عائشة رضي
الله عنها كانت لها أذن واعية ،
وقلب مستقبل لكل ما فيه منفعة
في هذه الدنيا والدين على وجه الخصوص،
لذلك
قال عروة : " فلقد ذهب عامة علمها لم أسأل عنه " .
عروة
هو ابن أختها - والذي كان ملازماً لها - والذي
روى كثيراً من
علمها،
يقول :
لكثرة علمها وتشعبه أنها ماتت وتوفيت
وذهب عامة علمها ولم يستطع أن
يسألها عنه لكثرته
ومضى الزمان وانتهى عمرها قبل أن يأخذ علمها
الغزير ، وكانت تحفظ الشعر
وترويه كأحسن ما يروي الناس الشعر ،
ولا تنسوا أن هذا كله والنبي
صلى الله عليه وسلم توفي عنها وهي ابنة
الثامنة عشر عاماً .
ضبطها هذا العمر الذي اليوم
ربما ابنة الثامنة
عشرة لا
همّ لها إلا أن تحسن وجهها ،
وتنعّم صوتها ، وتميل وجهها ، وتتكسر في
مشيتها ، لا تعرف إهتماماً عن
أمور الدنيا ولا من أمور الدين ،
ولا تفكر في آخرة ، ولا تحوز
علماً ، ولا تتأهل الى تربية ، ولا تتصدى
لفتيا
ولا شيئاً من ذلك مطلقاً .