[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
العلم بالآخرة وما سيحصل فيها من أهوال وكرب أمر غفل عنه بعض المسلمين، فأصبحوا ممن يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون
وإن العلم بكرب الصراط هو من الأمور الهامة الواجب التفكير فيه بجد والوجل من مغبته، إذ لا مفر من ولوجه والمرور عليه، وقد أقسم الرب جل وعلا أن يورد عباده النار
قال الله تعالى ]وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71}
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً{72}[ [مريم: 71-72]،
فورود المسلمين للنار؛ المرور على الجسر بين ظهرانيها، وورود المشركين أن يدخلوها
وتعد مرحلة المرور على هذا الصراط من أخطر الكرب التي سيواجهها المسلم يوم القيامة وإن المؤمن لن يهدأ روعه حتى ينجو من هذا الصراط ويتركه وراء ظهره.
وإن السباق الحقيقي والمصيري هو الذي سيكون بين الناس على الصراط، قال تعالى وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ [يس: 66]
فمن قطعه سالما فقد نجا من النار إلى الأبد وفاز فوزا عظيما.
فماذا أعددت لهذا الكرب العظيم يا ترى من عمل؟
فالأمر والله جد وليس بالهزل، فهو إما نجاة منه أو سقوط في نار تلظى. سائلة المولى القدير أن ينجينا برحمته وعفوه من كُرَبِ يوم القيامة عامة، ومن كَرْبِ الصراط خاصة، إنه جواد كريم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
المبحث الأول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
التعريف بالصراط وكربه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
المسألة الأولى: ما الصراط؟
الصراط جسر ممدود على متن جهنم،
أحدُّ من السيف، وأدقّ من الشعرة، مدحضة مزلة، وطريق مظلم محرق، على
حافتيه خطاطيف وكلاليب من نار معلقة وحسكة مفلطحة، يجتازه المسلمون وأتباع
الرسل، وقيل إن طوله مسيرة خمسة عشر ألف سنة (1)، فإما أن يعبروه بسلام،
أو آلام، أو يقعوا منه إلى النار.
فعن
سلمان الفارسي رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (ويوضع
الصراط مثل حد الموسى، فتقول الملائكة من يجوز على هذا؟ فيقول: من شئت من
خلقي، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك) (21).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : بلغني أن الجسر أدق من الشعرة وأحد من السبف 31[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ،أيضا أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال: ( ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم)، قلنا: يا رسول الله وما
الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة، لها شوكة
عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان .... ) (4)، ومعنى مدحضة مزلة أي: طريق
زلق تزلق فيه الأقدام، ومعنى حسكة أي: شوكة صلبة من حديد.
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: على هذا يرد سؤال: وهو كيف يمكن
العبور على طريق كهذا؟ والجواب: أن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا،
فالله تعالى على كل شيء قدير، ولا ندري كيف يعبرون: هل يجتمعون جميعا في
هذا الطريق أو واحدا بعد واحد اهـ (51).
ويمكن تصور طول هذا الصراط إذا علمنا أن كل الأمم – فيما عدا
الكفار – سيكونون عليه يوم تبدل الأرض والسموات، فعن عائشة رضي الله عنها
قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم،عن قوله عز وجل ]يَوْمَ
تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [[إبراهيم:48]، فأين
يكون الناس يومئذ يا رسول الله؟ فقال: (على الصراط)، وفي رواية عند الترمذي
قال صلى الله عليه و سلم: (هم على جسر جهنم) (6 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]المسألة الثانية: هول كرب الصراط[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يُعدُّ المرور على الصراط من أخطر كرب يوم القيامة إن لم يكن هو
أخطرها، ففيه من الأهوال والفزع والخوف والرعب ما لا تتحمله عقول الخلق
ولا نفوسهم، ويدل على ذلك أربعة أمور:
الأمر الأول: عنده لا يذكر الإنسان إلا نفسه فعن
عائشة رضي الله عنها قالت: ذكرت النار فبكيت، فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : (ما يبكيك؟) قلت: ذكرت النار فبكيت؛ فهل تذكرون أهليكم يوم
القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أما في ثلاثة مواطن فلا
يذكر أحدٌ أحدا: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وحيث الكتاب
حين يقال ] هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ [حتى يعلم أين يقع كتابه في
يمينه أم شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم) (71 الأمر الثاني: إشفاق الملائكة من هوله وهم غير محاسبين
فعن
سلمان الفارسي رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (يوضع
الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة:
يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله: لمن شئت من خلقي، فتقول الملائكة: سبحانك
ما عبدناك حق عبادتك، ويوضع الصراط مثل حد الموسى، فتقول الملائكة: من تجيز
على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك)
(8).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الأمر الثالث: وقوف النبي صلى الله عليه و سلم عنده للشفاعة
فعن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه و سلم أن يشفع
لي يوم القيامة فقال: (أنا فاعل)، قال: قلت: يا رسول الله فأين أطلبك؟
قال: (اطلبنى أول ما تطلبني على الصراط)، قال: قلت: فإن لم ألقك على
الصراط؟ قال: (فاطلبنى عند الميزان)، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال:
(فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن) (9).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الأمر
الرابع: عنده لا يتكلم يومئذ إلا الرسلومن شدة هوله أنه لا يتكلم عند
إجازته إلا الرسل داعين الله تعالى بالسلامة لمن عبره من أتباعهم، حيث روى
أبو هريرة رضي الله عليه و سلم ،أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
(.... فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ،
ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل،
وكلام الرسل يومئذٍ: اللهم سلم سلم....) (10).
فمن هذه الأحاديث يتضح جليا بأن نصب الصراط يعد كربا من الكرب
التي تستوجب علينا الحرص على الأعمال التي تنجينا منه.لذلك قال معاذ بن
جبل رضي الله عنه: إن المؤمن لا يسكن روعه حتى يترك جسر جهنم وراءه (11).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ،أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
(آخر من
يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط، فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار
مرة، فإذا جاوزها التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك؛ لقد أعطاني الله
شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين ) (12.
المسألة الثالثة: هل سيمر الكفار والمنافقون على الصراط؟
يرى بعض أهل العلم بأن الناس كلهم مسلمهم وكافرهم سيمرون على الصراط،
ولكن جاء في الصحيحين أن المشركين وأهل الكتاب لن يمروا على الصراط،
لأنهم سيؤمرون قبل نصب الصراط باتباع ما كانوا يعبدونه في الدنيا من دون الله،
فيتبعونهم إلى جهنم فيُدَعُّونَ فيها دَعّاً فيتساقطون فيها،
ثم تبقى هذه الأمة في كرب الموقف، ثم يضرب الصراط على متن جهنم.
روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟
قال: (هل تُضَارُّونَ في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا؟)
قلنا: لا،قال: (فإنكم لا تُضَارُّونَ في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما)،
ثم قال: (ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون،
فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم،
وأصحاب الأوثان مع أوثانهم،
وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم،
حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب،
ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب،
فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟
قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة
ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في
جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن
الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد
أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، حتى يبقى من كان يعبد الله
من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم
ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما
كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته
التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه
إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف
عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما
يسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم)،
قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب
وحسكة مفلطحة، لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان، المؤمن عليها
كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش،
ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا....) (13).
وفي رواية الإمام مسلم: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إذا
كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان
يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا
لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وَغُبَّرِ – بقايا - أهل الكتاب،
فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله،
فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا
يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تَرِدُونَ؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب
يَحْطِمُ بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، ثم يُدعى النصارى فيقال لهم:
ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم ما
اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا
ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب
يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد
الله تعالى من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من
التي رأوه فيها، قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا
ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا
ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا، حتى إن
بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون:
نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه؛ إلا أذن
الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء؛ إلا جعل الله ظهره
طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في
صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا، ثم
يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم ....).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: فهذا الحديث صريح في أن كل من أظهر
عبادة شيء سوى الله، كالمسيح والعزير من أهل الكتاب، فإنه يلحق بالمشركين
في الوقوع في النار قبل نصب الصراط، إلا أن عباد الأصنام والشمس والقمر
وغير ذلك من المشركين، تتبع كل فرق منهم ما كانت تعبد في الدنيا، فترد
النار مع معبودها أولا؛ وقد دل القرآن على هذا المعنى في قوله تعالى في شأن
فرعون ]يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ
وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ[ [هود: 98] اهـ (14)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وأما
المنافقون فسيمرون على الصراط، وسيعطون نورا يمشون به، ثم يُطفئ نورهم
ليتساقطوا إلى الدرك الأسفل من النار والعياذ بالله، فقد قال جابر بن عبد
الله رضي الله عنه ويُعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورا، ثم يتبعونه،
وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم
ينجو المؤمنون(15).
المسألة الرابعة: أحوال الناس على الصراط
المارون
على الصراط أربعة أصناف؛ كل على قدر إيمانه وعمله وذلك للحديث الذي رواه
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (يوضع
الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم،
ومخدوج به أي مخدوش -ثم ناج، ومحتبس به، ومنكوس فيها) (16)
[1] فمنهم من سيمر عليه سريعا وينجو منه، فلا يمسه حر جهنم ولا
كلاليب الصراط، وذلك لما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم (يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ
يَصْدُرُونَ منها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كَحُضْرِ
الْفَرَسِ –أي كجري الفرس - ثم كالراكب في رحله ثم كَشَدِّ الرَّجُلِ ثم
كمشيه) 17).
[2] ومنهم من تخدشه كلاليب الصراط أو تقطع لحمه ثم ينجو، وذلك لما
رواه حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (.... وفي
حافتي الصراط كلاليب معلقة (18) مأمورة بأخذ ما أمرت به، فمخدوش ناج ومكدوس في النار.... ) (19)،
وروى أبو هريرة رضي الله عنه،أيضا أن النبي صلى الله عليه و سلم،قال:
(.... وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟) قالوا:
نعم،
قال: (فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله،
تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يُخردل ثم ينجو
....) (20.
وعلل ابن حجر نقلا عن الزين ابن المنير رحمهما الله تعالى الحكمة
في تشبيه الكلاليب بشوك السعدان؛ أن ذلك لسرعة اختطافها وكثرة الانتشاب
فيها مع التحرز والتصون تمثيلا لهم بما عرفوه في الدنيا وألفوه بالمباشرة
21
[3] ومنهم من يحبس على الصراط فيعاني
الشيء العظيم من لفح جهنم وغير ذلك من عذاب ورعب تنخلع له الأفئدة، فعن
سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عنه
قال: ( ومن رمى مسلما بشيء يريد شَيْنَهُ به، حبسه الله على جسر جهنم حتى يَخْرُجَ مما قال) (22).
[4] ومنهم من يوبقه عمله فيسقط في النار والعياذ بالله، وذلك لما
رواه أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (يُحْمَلُ
الناس على الصراط يوم القيامة، فَتَقَادَعُ بهم جَنَبَةُ الصراط؛ تَقَادُعَ
الْفَرَاشِ في النار، قال: فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء) 23 أي أن جنبتي الصراط تسقطهم في النار بعضهم فوق بعض.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وعند هذا الموقف العصيب والمرعب الذي تنخلع له القلوب، يعج الرسل عليهم الصلاة والسلام بالدعاء قائلين: اللهم سلم سلم؛ شفقة
ورحمة لما يرون من أحوال الناس على هذا الصراط، حيث روى أبو هريرة رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:( فيضرب الصراط بين ظهراني
جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ، ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل،
وكلام الرسل يومئذٍ: اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، لا
يعلم قدر عِظَمِها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يُوبقُ بعمله -
أي يهلك ومنهم من يخردل، ثم ينجو)24
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أول وآخر من يجوز الصراط[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إن
أول من يجوز الصراط من الأمم هي أمة محمد صلى الله عليه و سلم لكرامتها
عند الله عز وجل، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال: (.... فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من يجوز
من الرسل بأمته،....) (25.
وأول من يجوز من هذه الأمة هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك
لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
(والأنبياء بجنبتي الصراط، وأكثر قولهم: اللهم سلم سلم، فأكون أنا وأمتي
أول من يمر، أو قال: أول من يجيز،) (26
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وأول من يجوز من هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه و سلم هم فقراء المهاجرين، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فقد
جاء عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن حبرا
من أحبار اليهود سأل النبي صلى الله عليه و سلم عدة أسئلة كان منها قوله:
أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم: (هم في الظلمة دون الجسر)، قال: فمن أول الناس إجازة؟
قال: (فقراء المهاجرين....) 27
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وأما آخر الناس مرورا على هذا الصراط فهو الذي يمشي مرة ويكبو مرة ويسحب عليه سحبا مرة أخرى. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال: (آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط، فهو يمشي مرة ويكبو مرة
وتسفعه النار مرة، فإذا جاوزها التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك؛
لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين ....) 28
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
أيضا: يأمر الله بالصراط، فيضرب على جهنم، فيمرُّ الناسُ على قدر أعمالهم
زُمَرا زُمَرا، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمرِّ الريح، ثم كمر الطير، ثم كمر
البهائم، حتى يمر الرجلُ سعيا، وحتى يمر الرجل مشيا، حتى يمر آخرهم
يتلبَّط – أي يتقلب- على بطنه فيقول: يا رب لِمَ بطَّأت بي؟ فيقول: إني لم
أُبطئ بك، إنما بطَّأ بك عملك (29.
وعن أبي سعيد الخدري رشي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال: (... ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم)، قلنا: يا رسول الله وما
الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء
تكون بنجد يقال لها السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح
وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى
يمر آخرهم يسحب سحبا....) 30
أشكال السقوط من الصراط
جاءت عدة أحاديث تصف حال الساقطين من الصراط أعاذنا الله من ذلك المئال والتي منها:
[أ] المكردس وهو
الذي جُمعت يداه ورجلاه وأُلقي إلى موضع 31، فعن أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (... والأنبياء بجنبتي
الصراط، وأكثر قولهم: اللهم سلم سلم، فأكون أنا وأمتي أول من يمر، أو قال:
أول من يجيز، قال: فيمرون عليه مثل البرق، ومثل الريح، ومثل أجاويد الخيل
والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مكلم، ومكردس في النار... ) 32
[ب] المنكوس:
وهو
المقلوب بأن صار رأسه أسفل (33، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال: (يوضع الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك
السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم، ومخدوج به – أي مخدوش -ثم ناج،
ومحتبس به، ومنكوس فيها) (34
وروى
معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم
به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على
مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم)؟ 35.
[ج] المكدوس
وهو
المدفوع من ورائه (36، فقد أخبر جل وعلا بأن الكفار يدفعون إلى جهنم دفعا
شديدا حيث قال تعالى ]يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً