أحكام الإيلاء في المذهب الشافعي
فضيلة المفتي د. باسل الشاعر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعيين وبعد:
فإن
مباحث الإيلاء هي من المباحث المهمة التي ينبني عليها العديد من المسائل
الفقهية والأحكام التي تخفى على الكثيرين، وقد رأيت قصور قانون الأحوال
الشخصية الأردني في هذا الموضوع، حيث لم يتعرض القانون لموضوع الإيلاء،
ولم ترد بين مواده أي مادة تتعلق به، من هنا جاء اختياري لكتابة هذه
الورقات في موضوع الإيلاء، التي لخصتها واستقيتها من المذهب الشافعي،
واعتمد في صياغة أكثر العبارات والتفصيلات الفقهية على كتاب " مغني
المحتاج " للخطيب الشربيني، آملا في مرات قادمة أن أتمكن من بحث الموضوع
من جميع جوانبه، وعند المذاهب الأخرى، والله من وراء القصد.
تعريف الإيلاء لغة واصطلاحا.
لغة: الحلف مطلقا، سواء حلف على فعل شيء أو تركه.[1]
ومنه قوله تعالى: ( وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى...) النور/22.
اصطلاحا: الحلف عن الامتناع من وطء الزوجة مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر.[2]
وعرفه
العلامة أبو بكر الدمياطي في " حل ألفاظ فتح المعين " بأنه: " حلف زوج
يتصور وطؤه على امتناعه من وطء زوجته مطلقا أو فوق أربعة أشهر "[3].
والفرق بين التعريفين:[4]
التعريف
الأول قد عرف الإيلاء بشكل عام دون تبيان لمحترزاته، في حين أن التعريف
الثاني قد وضع المحترزات والضوابط وأخرج العناصر غير المقصودة في
التعريف، فمثلا قوله:
(حلف): ليخرج بذلك من ترك وطء زوجته دون حلف مهما كانت المدة.
(زوج): أي حرا كان أو رقيقا، وأخرج بذلك الإيلاء من غير الزوج كالأجنبي والسيد.
(يتصور وطؤه): ليخرج بذلك المجبوب والأشل.[5]
(على امتناعه): متعلق بحلف.
(من وطء): متعلق بامتناع.
(زوجته): أي التي يتصور وطؤها، فخرجت الصغيرة والتي لا يمكن وطؤها لمرض.
(مطلقا): صفة لمصدر محذوف، أي: امتناعا مطلقا غير مقيد بمدة.
(أو فوق أربعة أشهر): معطوف على مطلقا، أي: امتناعا مقيدا بأكثر من أربعة أشهر.
وأضاف الخطيب الشربيني إلى التعريف أيضا عبارة: " يصح طلاقه " [6]، ليخرج بها أيضا الصغير والمجنون.
فتعريف الإيلاء عند الشربيني " حلف زوج يصح طلاقه.......".
والإيلاء
متردد بين اليمين والطلاق، فمن الفقهاء من يُلحقه بالأيمان على اعتبار
ذاته أنه حلف، ومنهم مَن يُلحقه بمشبهات الطلاق على اعتبار مآله إذا لم
تتم الفيئة، وفقهاء الشافعية ألحقوه بالقسم الثاني، فنرى أن تصنيفه كان في
الكتب والأبواب التي تلي النكاح والطلاق غالبا.
الأصل الشرعي للإيلاء:
ودليل
الإيلاء قوله تعالى: ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ
أربعة أشهر فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ
عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/226.
قال
الشربيني: " وإنما عدي فيها بـ " من " وهو إنما يعدى بـ " على "؛ لأنه ضمن
معنى البعد، كأنه يقول: يؤلون مبعدين أنفسهم من نسائهم " [7]
وورد الإيلاء في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة [8].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( إيلاء الجاهلية السنة والسنتين، فوقَّت الله أربعة أشهر، فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء.[9]
وكان الإيلاء طلاقا في الجاهلية لا رجعة فيه، فغير الشارع حكمه.[10]
حكم الإيلاء
الإيلاء حرام شرعا، وهو عند جمهور العلماء لا يجوز، لأنه نوع مضارة للزوجة، ولأنه يمين على ترك واجب.[11]
أركان الإيلاء
أركان الإيلاء ستة[12]، وقد عدَّها صاحب " مغني المحتاج " أربعة، واستثنى منها ركني الصيغة والزوجة.[13]
الركن الأول: الحالف.
وشرط في الحالف أن يكون زوجا، مكلَّفًا، مختارا، يتصور منه الجماع.
فخرج
بلفظ " الزوج ": السيد والأجنبي، وبلفظ " المكلَّف ": غير المكلف كالصبي
والصغير، وبلفظ " المختار ": المكره، وبلفظ " يتصور منه الجماع ": المجبوب
والأشل، أما العنين[14] فيصح إيلاؤه؛ لأن وطأه مرجو.[15]
الركن الثاني: المحلوف به.
والمحلوف به في الجديد من مذهب الإمام الشافعي قد يكون واحدا من ثلاثة أمور:[16]
أولا: اسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته.
ثانيا: تعليق على طلاق أو عتق.
ثالثا: التزام ما يلزم بالنذر كصلاة وصوم وغيرها من القربات.
أما في القديم فاشترط في الصيغة أن تكون اسما من أسماء الله تعالى أو صفة من صفات الله فقط.
الركن الثالث: المحلوف عليه ( ترك وطء شرعي )
فلا يعتد بالإيلاء بحلفه على امتناعه من تمتعه بها بغير وطء، ولا مِن وطئها في دبرها، أو في نحو حيض أو إحرام.
وخرج بذلك أيضا مَن آلى زوجته وهي رتقاء أو قرناء،[17]
فلا يصـح إيلاؤه؛ لأنه لا يتصور الوطء أصلا، ولأنه لا يتحقق قصد الإيذاء
والإضرار بالزوجة، لامتناع الأمر في نفسه، وكذلك الصغيرة التي لا يتمتع
بها.[18]
الركن الرابع: المدة.
مدة
الإيلاء فوق أربعة أشهر، والحكمة من تحديد هذه المدة كما صرح به في "
المحرر ": لأن المدة شرعت لأمر جبلي، وهو قلة الصبر عن الزوج، لذلك لم
يفرق بين الحر والعبد فيها.
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: " وهذه المدة حق للزوج كالأجل في الدين المؤجل حق للمدين "[19]
وعليه إذا كانت الزوجة في عدة طلاق رجعي فيضرب لها أربعة أشهر من الرجعة، لأنها حق للزوج كما ذكرنا[20].
ولا يشترط للمدة حكم حاكم، بل يمهل الزوج أربعة أشهر؛ لأنها ثابتة بالنص والإجماع.[21]
ويشترط في المدة حتى يعتبر الإيلاء أحد أمرين:[22]
الأول: أن تكون المدة مُطلَقَةً، كقوله: والله لا أطؤك ويسكت، أو يقول والله لا أطؤك أبدا.
الثاني: أن تكون المدة مقيدة بأكثر من أربعة أشهر.
وبناء على ذلك يخرج اللفظ من الإيلاء إذا قيده بأربعة أشهر أو أقل، ويصبح يمينا منعقدة.
الركن الخامس: الصيغة [23].
ويشترط
في الصيغة لفظ يشعر بإيلاء، إما صريح كقوله: " والله لا أجامعك "، وكالوطء
أيضا، أو لفظ كناية، كقوله: " والله لا أمسك "، والملامسة والمباضعة
والمباشرة منها أيضا، واللفظ الصريح لا يحتاج إلى نية للإيلاء، أما ألفاظ
الكناية فتفتقر لنية الوطء؛ لأن لها حقائق غير الوطء.[24]
الركن السادس: الزوجة.
وهي التي يتصور وطؤها، فلو آلى رتقاء او قرناء لم يصح الإيلاء كما مر سابقا على المذهب، ويجوز الإيلاء من الزوجة قبل الدخول وبعده. [25]
أما الصغيرة التي يمكن وطؤها فلا تعتبر الإيلاء بحقها قائما، ولكن تضرب لها المدة بعد احتمالها الوطء.[26] ويقصد هنا الزوجة أو الزوجات، فيقع الإيلاء على المجموع كما يقع على الواحدة.
الأحكام الفقهية المترتبة على الإيلاء:
إذا حلف الزوج يمين الإيلاء فيترتب عليه الأحكام الفقهية التالية:[27]
أولا: إذا وطئها الزوج قبل مضي الأربعة أشهر فينظر إلى المحلوف به:
1- إن كان حلف بالله أو بأسمائه أو صفاته، فعليه كفارة يمين، لأنه حنث بيمينه.
2- إن حلف بالتزام قربة: تخير بين ما التزم به أو كفارة يمين.
3- إن علق الإيلاء بنحو طلاق، وقع عليه لوجود المعلق عليه وهو الوطء.
ثانيا: إذا مضت الأربعة أشهر والزوج حاضر، ولم تطالب الزوجة بالفيئة (الجماع) فلا شيء عليه، وتعتبر يمينه قد انحلت.
ثالثا: إذا مضت المدة ( أربعة أشهر ) فلها أن تطالبه بأن يفيء ( برجوعه للوطء الذي امتنع منه بالإيلاء )[28]،
أو يطلقها إن لم يفئ لقوله تعالى: (.... فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ) البقرة/226.
فهو مخير بين أمرين: الفيئة أو الطلاق، وهذا ما اختاره الرافعي والنووي.
وصوب الزركشي ما ذكره الرافعي والنووي بالتخيير بين الأمرين، وقال: " تطالبه بالفيئة فإن لم يفيء طالبته بالطلاق " وهذا أوجَه.[29]
فإن
فاء وكانت اليمين بالله سبحانه وتعالى، أو اسم من أسمائه، أو صفة من
صفاته، لزمه الكفارة على الأظهر، لعموم الآية: ( لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ
الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ
مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ
أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/89.
وقيل لا كفارة عليه لقوله تعالى: (.. فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة/226.
فالآية نصت على المغفرة والرحمة للذي يفيء، ولم تنص على الكفارة.
ورَدّ
عليهم من قال بلزوم الكفارة: أن المغفرة والرحمة إنما ينصرفان إلى ما يعصي
به، والفيئة الموجبة للكفارة مندوب إليها، وعليه الكفارة قبل الوطء.[30]
وإذا
اختار الطلاق وقع طلاقه، سواء طلقة أو أكثر، وليس للحاكم إجباره على أكثر
من طلقة في جميع الأحوال، سواء أوقع الطلاق بنفسه أم طلق القاضي عليه.
وذكر
الخطيب الشربيني: أن القاضي يطلق عليه طلقة، وأنه لو زاد عليها لم تقع
الزيادة؛ لأن الواجب عليه واحدة، ولم يقيدها بطلقة رجعية؛ لاحتمالية شموله
حالات أخرى، مثلا قد تكون الطلقة: قبل الدخول، أو قد تكون مكملة للثلاث. [31]
أما
إذا جامعها ناسيا أو مكرها أو مجنونا لم يحنث ولم تجب عليه الكفارة، ولم
تنحل اليمين، وحصلت الفيئة، وارتفع الإيلاء، وذلك كما يلي:
- أما عدم الحنث وعدم انحلال اليمين فلعدم فعله.
- وأما عدم وجوب الكفارة فلعدم الحنث.
- وأما ارتفاع الإيلاء فلوصولها إلى حقها، واندفاع ضررها، كما لو رد المجنون الوديعة إلى صاحبها.
وتضرب له المدة ثانيا لبقاء اليمين، كما لو طلق المولي بعد المدة ثم راجع، تضرب المدة ثانيا.[32]
رابعا:
إذا مضت المدة ( أربعة أشهر ) وطلبت منه الفيء ورفض، ثم طلبت منه الطلاق
ورفض، فالأظهر أن القاضي يطلق عليه طلقة واحـدة دون إمهال أو تأجيل، الا
إذا كان صائما استمهل إلى الليل، أو محرما حتى يتحلل من إحرامه.[33]
وصيغة تطليق القاضي كأن يقول: أوقعت على فلانة عن فلان طلقة، أو حكمت في زوجته بطلقة، فلو زاد عليها لغا الزائد.[34]
وتصرف القاضي هنا لأنه: حق لمعين تدخله النيابة، فينوب عنه الحاكم كما يزوج عن العاضل، وتحصيل الدين من المماطل.
فروع في المسألة:[35]
- إن طلق القاضي ثم بان أن الزوج وطيء زوجته قبل الطلاق: لم يقع الطلاق؛ لانتفاء سببه.
- لو تبين أن الزوج طلق قبل طلاق القاضي: لا يقع طلاق القاضي؛ لأنه أصبح بدلا عن موجود.
- لو وقع طلاق القاضي قبل طلاق الزوج، وكان الزوج عالما به: وقع طلاق القاضي صحيحا، وطلاق الزوج كذلك.
- إن جهل الزوج طلاق القاضي لم يقع طلاقه.
خامسا:
إذا مضت المدة وطالبت الزوجة بالفيء، وكان عند الزوجة مانع شرعي من الوطء
كالحيض، أو مانع حسي من الوطء كالمرض الذي لا يمكن معه الوطء، لا يحق لها
مطالبة الزوج بالفيئة لا قولا ولا فعلا.
وإن مضت
المدة وكان في الزوج مانع من الوطء طبيعي، كمرض يمنع الوطء معه، أو يخاف
زيادة المرض معه، أو بطء البرء: طولب الزوج بالفيئة باللسان، أو بالطلاق
إن لم يفئ، واذا زال ما به من ضرر بعد فيئة اللسان طولب بالوطء، وإن كان
في الزوج مانع شرعي كإحرام وظهار فإنه يطالب بالطلاق.[36]
الأمور المؤثرة في مدة الإيلاء.
يؤثر في مدة الإيلاء ويقطعها الأمور التالية:[37]
- إذا ارتد أحد الزوجين أو كلاهما بعد الدخول في المدة انقطعت، فإذا أسلم المرتد استؤنفت العدة لوجوب الموالاة فيها على الأظهر.
- المانع الحسي للزوجة كصغر ومرض يمنع المدة، ولا يحسب الا بزوال المانع، وإذا كان المانع المرض استأنفت على الراجح.
-
الطلاق الرجعي للزوجة يقطع المدة، فإن راجعها في العدة حسبت مدة الإيلاء
من الرجعة؛ لأن الإضرار إنما يحصل بالامتناع المتوالي في نكاح سليم.[38]
- المانع الشرعي، كصوم الفرض: يقطع المدة في الأصح.[39]
ولا يؤثر في مدة الإيلاء ولا يقطعها بل يحسب من ضمن المدة ما يلي:[40]
-
المانع الحسي كمرض وجنون ونحوه، والشرعي كالصوم والإحرام والاعتكاف للزوج،
فيحسب زمن كل منها من المدة؛ لأنها ممكنة، والمانع الذي حصل من الوطء
بسببه، ولهذا استحقت الزوجة النفقة في مثل هذه الأمور.
-
المانع الشرعي للزوجة من حيض ونفاس على الراجح، وصوم نفل: لا يقطع المدة؛
لأن الحيض لا يخلو عن الشهر غالبا، والنفاس قياسا عليه لاجتماعهما في كثير
من الأحكام.
اختلاف الزوجين في الإيلاء:[41]
إذا حصل الخلاف بين الزوجين في مسائل الإيلاء فينظر فيها كما يلي:
- إذا اختلف الزوجان في الإيلاء، أو في انقضاء مدته، بأن ادعت عليه فأنكر، صُدِّقَ بيمينه؛ لأن الأصل عدمه.
-
إذا اعترفت بالوطء بعد المدة، وأنكر الزوج حصوله، سقط حقها من الطلب
بالفيء، عملا باعترافها، فلا يقبل رجوعها عن الاعتراف ووصول حقها إليها.
فائدة:
إذا كرر يمين الإيلاء مرتين فأكثر، وأراد بغير اليمين الأولى التأكيد لها،
ولو تعدد المجلس، وطال الفصل بينها: صدق بيمينه، قياسا على تعليق الطلاق
عدة مرات على أمر واحد.
وعند الحكم بتعدد اليمين يكفيه لانحلالها وطء واحد، ويتخلص بالطلاق عن الأيمان كلها، ويكفيه كفارة واحدة عنها.
الإيلاء في قوانين الأحوال الشخصية:
لم
يتعرض قانون الأحوال الشخصية الأردني للإيلاء، وقد تكون مواد القانون
المتعلقة بالتفريق للغيبة والضرر تشتمل ضمنا على معنى الإيلاء، ولو
باختلاف المدة.
المادة: (123): إذا أثبتت الزوجة غياب
زوجها عنها، أو هجره لها سنة فأكثر بلا عذر مقبول، وكان معروف محل
الإقامة، جاز لزوجته أن تطلب من القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده
عنها، أو هجره لها، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
وقد
تعرض قانون الأسرة المغربي إلى الإيلاء، وضمَّه للهجر، فحسب المادة: (98)
من مدونة الأسرة ( قانون الأسرة ) المغربية، يحق للزوجة طلب التطليق
للأسباب التالية:
1- إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج.
2- الضرر.
3- عدم الإنفاق.
4- الغيبة.
5- العيب.
6- الإيلاء والهجر.
أحكام الإيلاء في المذهب الشافعي
فضيلة المفتي د. باسل الشاعر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعيين وبعد:
فإن
مباحث الإيلاء هي من المباحث المهمة التي ينبني عليها العديد من المسائل
الفقهية والأحكام التي تخفى على الكثيرين، وقد رأيت قصور قانون الأحوال
الشخصية الأردني في هذا الموضوع، حيث لم يتعرض القانون لموضوع الإيلاء،
ولم ترد بين مواده أي مادة تتعلق به، من هنا جاء اختياري لكتابة هذه
الورقات في موضوع الإيلاء، التي لخصتها واستقيتها من المذهب الشافعي،
واعتمد في صياغة أكثر العبارات والتفصيلات الفقهية على كتاب " مغني
المحتاج " للخطيب الشربيني، آملا في مرات قادمة أن أتمكن من بحث الموضوع
من جميع جوانبه، وعند المذاهب الأخرى، والله من وراء القصد.
تعريف الإيلاء لغة واصطلاحا.
لغة: الحلف مطلقا، سواء حلف على فعل شيء أو تركه.[1]
ومنه قوله تعالى: ( وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى...) النور/22.
اصطلاحا: الحلف عن الامتناع من وطء الزوجة مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر.[2]
وعرفه
العلامة أبو بكر الدمياطي في " حل ألفاظ فتح المعين " بأنه: " حلف زوج
يتصور وطؤه على امتناعه من وطء زوجته مطلقا أو فوق أربعة أشهر "[3].
والفرق بين التعريفين:[4]
التعريف
الأول قد عرف الإيلاء بشكل عام دون تبيان لمحترزاته، في حين أن التعريف
الثاني قد وضع المحترزات والضوابط وأخرج العناصر غير المقصودة في
التعريف، فمثلا قوله:
(حلف): ليخرج بذلك من ترك وطء زوجته دون حلف مهما كانت المدة.
(زوج): أي حرا كان أو رقيقا، وأخرج بذلك الإيلاء من غير الزوج كالأجنبي والسيد.
(يتصور وطؤه): ليخرج بذلك المجبوب والأشل.[5]
(على امتناعه): متعلق بحلف.
(من وطء): متعلق بامتناع.
(زوجته): أي التي يتصور وطؤها، فخرجت الصغيرة والتي لا يمكن وطؤها لمرض.
(مطلقا): صفة لمصدر محذوف، أي: امتناعا مطلقا غير مقيد بمدة.
(أو فوق أربعة أشهر): معطوف على مطلقا، أي: امتناعا مقيدا بأكثر من أربعة أشهر.
وأضاف الخطيب الشربيني إلى التعريف أيضا عبارة: " يصح طلاقه " [6]، ليخرج بها أيضا الصغير والمجنون.
فتعريف الإيلاء عند الشربيني " حلف زوج يصح طلاقه.......".
والإيلاء
متردد بين اليمين والطلاق، فمن الفقهاء من يُلحقه بالأيمان على اعتبار
ذاته أنه حلف، ومنهم مَن يُلحقه بمشبهات الطلاق على اعتبار مآله إذا لم
تتم الفيئة، وفقهاء الشافعية ألحقوه بالقسم الثاني، فنرى أن تصنيفه كان في
الكتب والأبواب التي تلي النكاح والطلاق غالبا.
الأصل الشرعي للإيلاء:
ودليل
الإيلاء قوله تعالى: ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ
أربعة أشهر فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ
عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/226.
قال
الشربيني: " وإنما عدي فيها بـ " من " وهو إنما يعدى بـ " على "؛ لأنه ضمن
معنى البعد، كأنه يقول: يؤلون مبعدين أنفسهم من نسائهم " [7]
وورد الإيلاء في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة [8].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( إيلاء الجاهلية السنة والسنتين، فوقَّت الله أربعة أشهر، فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء.[9]
وكان الإيلاء طلاقا في الجاهلية لا رجعة فيه، فغير الشارع حكمه.[10]
حكم الإيلاء
الإيلاء حرام شرعا، وهو عند جمهور العلماء لا يجوز، لأنه نوع مضارة للزوجة، ولأنه يمين على ترك واجب.[11]
أركان الإيلاء
أركان الإيلاء ستة[12]، وقد عدَّها صاحب " مغني المحتاج " أربعة، واستثنى منها ركني الصيغة والزوجة.[13]
الركن الأول: الحالف.
وشرط في الحالف أن يكون زوجا، مكلَّفًا، مختارا، يتصور منه الجماع.
فخرج
بلفظ " الزوج ": السيد والأجنبي، وبلفظ " المكلَّف ": غير المكلف كالصبي
والصغير، وبلفظ " المختار ": المكره، وبلفظ " يتصور منه الجماع ": المجبوب
والأشل، أما العنين[14] فيصح إيلاؤه؛ لأن وطأه مرجو.[15]
الركن الثاني: المحلوف به.
والمحلوف به في الجديد من مذهب الإمام الشافعي قد يكون واحدا من ثلاثة أمور:[16]
أولا: اسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته.
ثانيا: تعليق على طلاق أو عتق.
ثالثا: التزام ما يلزم بالنذر كصلاة وصوم وغيرها من القربات.
أما في القديم فاشترط في الصيغة أن تكون اسما من أسماء الله تعالى أو صفة من صفات الله فقط.
الركن الثالث: المحلوف عليه ( ترك وطء شرعي )
فلا يعتد بالإيلاء بحلفه على امتناعه من تمتعه بها بغير وطء، ولا مِن وطئها في دبرها، أو في نحو حيض أو إحرام.
وخرج بذلك أيضا مَن آلى زوجته وهي رتقاء أو قرناء،[17]
فلا يصـح إيلاؤه؛ لأنه لا يتصور الوطء أصلا، ولأنه لا يتحقق قصد الإيذاء
والإضرار بالزوجة، لامتناع الأمر في نفسه، وكذلك الصغيرة التي لا يتمتع
بها.[18]
الركن الرابع: المدة.
مدة
الإيلاء فوق أربعة أشهر، والحكمة من تحديد هذه المدة كما صرح به في "
المحرر ": لأن المدة شرعت لأمر جبلي، وهو قلة الصبر عن الزوج، لذلك لم
يفرق بين الحر والعبد فيها.
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: " وهذه المدة حق للزوج كالأجل في الدين المؤجل حق للمدين "[19]
وعليه إذا كانت الزوجة في عدة طلاق رجعي فيضرب لها أربعة أشهر من الرجعة، لأنها حق للزوج كما ذكرنا[20].
ولا يشترط للمدة حكم حاكم، بل يمهل الزوج أربعة أشهر؛ لأنها ثابتة بالنص والإجماع.[21]
ويشترط في المدة حتى يعتبر الإيلاء أحد أمرين:[22]
الأول: أن تكون المدة مُطلَقَةً، كقوله: والله لا أطؤك ويسكت، أو يقول والله لا أطؤك أبدا.
الثاني: أن تكون المدة مقيدة بأكثر من أربعة أشهر.
وبناء على ذلك يخرج اللفظ من الإيلاء إذا قيده بأربعة أشهر أو أقل، ويصبح يمينا منعقدة.
الركن الخامس: الصيغة [23].
ويشترط
في الصيغة لفظ يشعر بإيلاء، إما صريح كقوله: " والله لا أجامعك "، وكالوطء
أيضا، أو لفظ كناية، كقوله: " والله لا أمسك "، والملامسة والمباضعة
والمباشرة منها أيضا، واللفظ الصريح لا يحتاج إلى نية للإيلاء، أما ألفاظ
الكناية فتفتقر لنية الوطء؛ لأن لها حقائق غير الوطء.[24]
الركن السادس: الزوجة.
وهي التي يتصور وطؤها، فلو آلى رتقاء او قرناء لم يصح الإيلاء كما مر سابقا على المذهب، ويجوز الإيلاء من الزوجة قبل الدخول وبعده. [25]
أما الصغيرة التي يمكن وطؤها فلا تعتبر الإيلاء بحقها قائما، ولكن تضرب لها المدة بعد احتمالها الوطء.[26] ويقصد هنا الزوجة أو الزوجات، فيقع الإيلاء على المجموع كما يقع على الواحدة.
الأحكام الفقهية المترتبة على الإيلاء:
إذا حلف الزوج يمين الإيلاء فيترتب عليه الأحكام الفقهية التالية:[27]
أولا: إذا وطئها الزوج قبل مضي الأربعة أشهر فينظر إلى المحلوف به:
1- إن كان حلف بالله أو بأسمائه أو صفاته، فعليه كفارة يمين، لأنه حنث بيمينه.
2- إن حلف بالتزام قربة: تخير بين ما التزم به أو كفارة يمين.
3- إن علق الإيلاء بنحو طلاق، وقع عليه لوجود المعلق عليه وهو الوطء.
ثانيا: إذا مضت الأربعة أشهر والزوج حاضر، ولم تطالب الزوجة بالفيئة (الجماع) فلا شيء عليه، وتعتبر يمينه قد انحلت.
ثالثا: إذا مضت المدة ( أربعة أشهر ) فلها أن تطالبه بأن يفيء ( برجوعه للوطء الذي امتنع منه بالإيلاء )[28]،
أو يطلقها إن لم يفئ لقوله تعالى: (.... فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ) البقرة/226.
فهو مخير بين أمرين: الفيئة أو الطلاق، وهذا ما اختاره الرافعي والنووي.
وصوب الزركشي ما ذكره الرافعي والنووي بالتخيير بين الأمرين، وقال: " تطالبه بالفيئة فإن لم يفيء طالبته بالطلاق " وهذا أوجَه.[29]
فإن
فاء وكانت اليمين بالله سبحانه وتعالى، أو اسم من أسمائه، أو صفة من
صفاته، لزمه الكفارة على الأظهر، لعموم الآية: ( لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ
الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ
مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ
أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/89.
وقيل لا كفارة عليه لقوله تعالى: (.. فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة/226.
فالآية نصت على المغفرة والرحمة للذي يفيء، ولم تنص على الكفارة.
ورَدّ
عليهم من قال بلزوم الكفارة: أن المغفرة والرحمة إنما ينصرفان إلى ما يعصي
به، والفيئة الموجبة للكفارة مندوب إليها، وعليه الكفارة قبل الوطء.[30]
وإذا
اختار الطلاق وقع طلاقه، سواء طلقة أو أكثر، وليس للحاكم إجباره على أكثر
من طلقة في جميع الأحوال، سواء أوقع الطلاق بنفسه أم طلق القاضي عليه.
وذكر
الخطيب الشربيني: أن القاضي يطلق عليه طلقة، وأنه لو زاد عليها لم تقع
الزيادة؛ لأن الواجب عليه واحدة، ولم يقيدها بطلقة رجعية؛ لاحتمالية شموله
حالات أخرى، مثلا قد تكون الطلقة: قبل الدخول، أو قد تكون مكملة للثلاث. [31]
أما
إذا جامعها ناسيا أو مكرها أو مجنونا لم يحنث ولم تجب عليه الكفارة، ولم
تنحل اليمين، وحصلت الفيئة، وارتفع الإيلاء، وذلك كما يلي:
- أما عدم الحنث وعدم انحلال اليمين فلعدم فعله.
- وأما عدم وجوب الكفارة فلعدم الحنث.
- وأما ارتفاع الإيلاء فلوصولها إلى حقها، واندفاع ضررها، كما لو رد المجنون الوديعة إلى صاحبها.
وتضرب له المدة ثانيا لبقاء اليمين، كما لو طلق المولي بعد المدة ثم راجع، تضرب المدة ثانيا.[32]
رابعا:
إذا مضت المدة ( أربعة أشهر ) وطلبت منه الفيء ورفض، ثم طلبت منه الطلاق
ورفض، فالأظهر أن القاضي يطلق عليه طلقة واحـدة دون إمهال أو تأجيل، الا
إذا كان صائما استمهل إلى الليل، أو محرما حتى يتحلل من إحرامه.[33]
وصيغة تطليق القاضي كأن يقول: أوقعت على فلانة عن فلان طلقة، أو حكمت في زوجته بطلقة، فلو زاد عليها لغا الزائد.[34]
وتصرف القاضي هنا لأنه: حق لمعين تدخله النيابة، فينوب عنه الحاكم كما يزوج عن العاضل، وتحصيل الدين من المماطل.
فروع في المسألة:[35]
- إن طلق القاضي ثم بان أن الزوج وطيء زوجته قبل الطلاق: لم يقع الطلاق؛ لانتفاء سببه.
- لو تبين أن الزوج طلق قبل طلاق القاضي: لا يقع طلاق القاضي؛ لأنه أصبح بدلا عن موجود.
- لو وقع طلاق القاضي قبل طلاق الزوج، وكان الزوج عالما به: وقع طلاق القاضي صحيحا، وطلاق الزوج كذلك.
- إن جهل الزوج طلاق القاضي لم يقع طلاقه.
خامسا:
إذا مضت المدة وطالبت الزوجة بالفيء، وكان عند الزوجة مانع شرعي من الوطء
كالحيض، أو مانع حسي من الوطء كالمرض الذي لا يمكن معه الوطء، لا يحق لها
مطالبة الزوج بالفيئة لا قولا ولا فعلا.
وإن مضت
المدة وكان في الزوج مانع من الوطء طبيعي، كمرض يمنع الوطء معه، أو يخاف
زيادة المرض معه، أو بطء البرء: طولب الزوج بالفيئة باللسان، أو بالطلاق
إن لم يفئ، واذا زال ما به من ضرر بعد فيئة اللسان طولب بالوطء، وإن كان
في الزوج مانع شرعي كإحرام وظهار فإنه يطالب بالطلاق.[36]
الأمور المؤثرة في مدة الإيلاء.
يؤثر في مدة الإيلاء ويقطعها الأمور التالية:[37]
- إذا ارتد أحد الزوجين أو كلاهما بعد الدخول في المدة انقطعت، فإذا أسلم المرتد استؤنفت العدة لوجوب الموالاة فيها على الأظهر.
- المانع الحسي للزوجة كصغر ومرض يمنع المدة، ولا يحسب الا بزوال المانع، وإذا كان المانع المرض استأنفت على الراجح.
-
الطلاق الرجعي للزوجة يقطع المدة، فإن راجعها في العدة حسبت مدة الإيلاء
من الرجعة؛ لأن الإضرار إنما يحصل بالامتناع المتوالي في نكاح سليم.[38]
- المانع الشرعي، كصوم الفرض: يقطع المدة في الأصح.[39]
ولا يؤثر في مدة الإيلاء ولا يقطعها بل يحسب من ضمن المدة ما يلي:[40]
-
المانع الحسي كمرض وجنون ونحوه، والشرعي كالصوم والإحرام والاعتكاف للزوج،
فيحسب زمن كل منها من المدة؛ لأنها ممكنة، والمانع الذي حصل من الوطء
بسببه، ولهذا استحقت الزوجة النفقة في مثل هذه الأمور.
-
المانع الشرعي للزوجة من حيض ونفاس على الراجح، وصوم نفل: لا يقطع المدة؛
لأن الحيض لا يخلو عن الشهر غالبا، والنفاس قياسا عليه لاجتماعهما في كثير
من الأحكام.
اختلاف الزوجين في الإيلاء:[41]
إذا حصل الخلاف بين الزوجين في مسائل الإيلاء فينظر فيها كما يلي:
- إذا اختلف الزوجان في الإيلاء، أو في انقضاء مدته، بأن ادعت عليه فأنكر، صُدِّقَ بيمينه؛ لأن الأصل عدمه.
-
إذا اعترفت بالوطء بعد المدة، وأنكر الزوج حصوله، سقط حقها من الطلب
بالفيء، عملا باعترافها، فلا يقبل رجوعها عن الاعتراف ووصول حقها إليها.
فائدة:
إذا كرر يمين الإيلاء مرتين فأكثر، وأراد بغير اليمين الأولى التأكيد لها،
ولو تعدد المجلس، وطال الفصل بينها: صدق بيمينه، قياسا على تعليق الطلاق
عدة مرات على أمر واحد.
وعند الحكم بتعدد اليمين يكفيه لانحلالها وطء واحد، ويتخلص بالطلاق عن الأيمان كلها، ويكفيه كفارة واحدة عنها.
الإيلاء في قوانين الأحوال الشخصية:
لم
يتعرض قانون الأحوال الشخصية الأردني للإيلاء، وقد تكون مواد القانون
المتعلقة بالتفريق للغيبة والضرر تشتمل ضمنا على معنى الإيلاء، ولو
باختلاف المدة.
المادة: (123): إذا أثبتت الزوجة غياب
زوجها عنها، أو هجره لها سنة فأكثر بلا عذر مقبول، وكان معروف محل
الإقامة، جاز لزوجته أن تطلب من القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده
عنها، أو هجره لها، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
وقد
تعرض قانون الأسرة المغربي إلى الإيلاء، وضمَّه للهجر، فحسب المادة: (98)
من مدونة الأسرة ( قانون الأسرة ) المغربية، يحق للزوجة طلب التطليق
للأسباب التالية:
1- إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج.
2- الضرر.
3- عدم الإنفاق.
4- الغيبة.
5- العيب.
6- الإيلاء والهجر.